للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللَّهُ مِنْهُ. ثُمَّ قَال الْكَاسَانِيُّ: وَمِثْل هَذَا الْوَعِيدِ لاَ يَلْحَقُ إِلاَّ بِارْتِكَابِ الْحَرَامِ، وَلأَِنَّهُ ظُلْمٌ؛ لأَِنَّ مَا يُبَاعُ فِي الْمِصْرِ فَقَدْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْعَامَّةِ، فَإِذَا امْتَنَعَ الْمُشْتَرِي عَنْ بَيْعِهِ عِنْدَ شِدَّةِ حَاجَتِهِمْ إِلَيْهِ فَقَدْ مَنَعَهُمْ حَقَّهُمْ، وَمَنْعُ الْحَقِّ عَنِ الْمُسْتَحِقِّ ظُلْمٌ وَحَرَامٌ، يَسْتَوِي فِي ذَلِكَ قَلِيل الْمُدَّةِ وَكَثِيرُهَا، لِتَحَقُّقِ الظُّلْمِ (١) .

٤ - كَمَا اعْتَبَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ الْهَيْتَمِيُّ مِنَ الْكَبَائِرِ. وَيَقُول: إِنَّ كَوْنَهُ كَبِيرَةً هُوَ ظَاهِرُ الأَْحَادِيثِ، مِنَ الْوَعِيدِ الشَّدِيدِ، كَاللَّعْنَةِ وَبَرَاءَةِ ذِمَّةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ مِنْهُ وَالضَّرْبِ بِالْجُذَامِ وَالإِْفْلاَسِ. وَبَعْضُ هَذِهِ دَلِيلٌ عَلَى الْكَبِيرَةِ (٢) وَمِمَّا اسْتَدَل بِهِ الْحَنَابِلَةُ عَلَى التَّحْرِيمِ مَا رَوَى الأَْثْرَمُ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَال: نَهَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُحْتَكَرَ الطَّعَامُ (٣) ، وَمَا رُوِيَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: مَنِ احْتَكَرَ فَهُوَ خَاطِئٌ (٤) ،


(١) البدائع ٥ / ١٢٩
(٢) نهاية المحتاج ٣ / ٤٥٦، وشرح روض الطالب ٢ / ٣٧، وحاشية القليوبي على شرح منهاج الطالبين ٢ / ١٨٦، والزواجر ١ / ٢١٦ - ٢١٧، والمجموع ١٢ / ٦٤
(٣) حديث: " نهى أن يحتكر الطعام " هكذا ذكره صاحب المغني (٤ / ٢٨٢) ورواه عبد الرزاق (المصنف ٨ / ٢٠٣) بلفظ " نهى عن بيع الحكرة ".
(٤) حديث " من احتكر فهو خاطئ " رواه مسلم والترمذي. وفي الباب عن أبي هريرة أخرجه الحاكم بلفظ " من احتكر يريد أن يغالي بها الملمين فهو خاطئ (تلخيص الحبير ٢ / ١٣)