للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لاَ يَجُوزُ قَطْعُ شَيْءٍ مِمَّنْ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّعْزِيرُ، وَلاَ جَرْحُهُ، لأَِنَّ الشَّرْعَ لَمْ يَرِدْ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، عَنْ أَحَدٍ يُقْتَدَى بِهِ؛ وَلأَِنَّ الْوَاجِبَ أَدَبٌ، وَالأَْدَبُ لاَ يَكُونُ بِالإِِْتْلاَفِ. (١) وَكُل ضَرْبٍ يُؤَدِّي إِِلَى الإِِْتْلاَفِ مَمْنُوعٌ، سَوَاءٌ أَكَانَ هَذَا الاِحْتِمَال نَاشِئًا مِنْ آلَةِ الضَّرْبِ، أَمْ مِنْ حَالَةِ الْجَانِي نَفْسِهِ، أَمْ مِنْ مَوْضِعِ الضَّرْبِ، وَتَفْرِيعًا عَلَى ذَلِكَ: مَنَعَ الْفُقَهَاءُ الضَّرْبَ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي قَدْ يُؤَدِّي فِيهَا إِِلَى الإِِْتْلاَفِ. وَلِذَلِكَ فَالرَّاجِحُ: أَنَّ الضَّرْبَ عَلَى الْوَجْهِ وَالْفَرْجِ وَالْبَطْنِ وَالصَّدْرِ مَمْنُوعٌ. (٢)

وَعَلَى الأَْسَاسِ الْمُتَقَدِّمِ مَنَعَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ فِي التَّعْزِيرِ: الصَّفْعَ، وَحَلْقَ اللِّحْيَةِ، وَتَسْوِيدَ الْوَجْهِ، وَإِِنْ كَانَ الْبَعْضُ قَال بِهِ فِي شَهَادَةِ الزُّورِ، قَال الأُْسْرُوشَنِيُّ: لاَ يُبَاحُ التَّعْزِيرُ بِالصَّفْعِ؛ لأَِنَّهُ مِنْ أَعْلَى مَا يَكُونُ مِنَ الاِسْتِخْفَافِ. وَقَال: تَسْوِيدُ الْوَجْهِ فِي شَهَادَةِ الزُّورِ مَمْنُوعٌ بِالإِِْجْمَاعِ، أَيْ بَيْنَ الْحَنَفِيَّةِ. (٣) قَال الْبُهُوتِيُّ: (يَحْرُمُ) التَّعْزِيرُ (بِحَلْقِ لِحْيَتِهِ) لِمَا فِيهِ مِنَ الْمُثْلَةِ (وَلاَ تَسْوِيدِ وَجْهِهِ) . وَالتَّعْزِيرُ بِالْقَتْل عِنْدَ مَنْ يَرَاهُ يُشْتَرَطُ فِي آلَتِهِ: أَنْ تَكُونَ حَادَّةً مِنْ


(١) الزيلعي ٣ / ٢١١، وتبصرة الحكام ٢ / ٣٦٩، وكشاف القناع ٤ / ٧٤ ط المطبعة الشرقية بالقاهرة، والمغني ١٠ / ٣٤٨.
(٢) فصول الأستروشني في التعزير / ٢١ - ٢٢.
(٣) فصول الأستروشني في التعزير / ٣٠.