للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قَاعِدَةِ التَّحَرِّي وَالتَّوَخِّي عِنْدَ الْحَرَجِ، يَأْتِي التَّرَدُّدُ وَالْخِلاَفُ فِي الأَْحْكَامِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَى الاِحْتِيَاطِ. وَيَذْكُرُ الأُْصُولِيُّونَ مَا عَبَّرَ عَنْهُ الأَْنْصَارِيُّ شَارِحُ مُسْلِمٍ الثُّبُوتَ أَنَّهُ " لَيْسَ كُل مَا كَانَ أَحْوَطَ يَجِبُ، بَل إِنَّمَا هُوَ فِيمَا ثَبَتَ وُجُوبُهُ مِنْ قَبْل، فَيَجِبُ فِيهِ مَا تَخْرُجُ بِهِ عَنِ الْعُهْدَةِ يَقِينًا، كَالصَّلاَةِ الْمَنْسِيَّةِ، كَمَا إِذَا فَاتَتْ صَلاَةٌ مِنْ يَوْمِ فَنَسِيَهَا، فَيَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ لِيَخْرُجَ عَنْ عُهْدَةِ الْمَنْسِيَّةِ يَقِينًا " قَال: " وَمِنْهُ نِسْيَانُ الْمُسْتَحَاضَةِ أَيَّامَهَا يَجِبُ عَلَيْهَا التَّطَهُّرُ لِكُل صَلاَةٍ أَوْ لِوَقْتِ كُل صَلاَةٍ " عَلَى خِلاَفِ تَفْصِيلِهِ فِي " حَيْضٌ ".

ثُمَّ ذَكَرَ الْحَالَةَ الثَّانِيَةَ الَّتِي يَجِبُ فِيهَا الْفِعْل احْتِيَاطًا فَقَال: " أَوْ كَانَ الْوُجُوبُ هُوَ الأَْصْل ثُمَّ يَعْرِضُ مَا يُوجِبُ الشَّكُّ، كَصَوْمِ الثَّلاَثِينَ مِنْ رَمَضَانَ، فَإِنَّ الْوُجُوبَ فِيهِ الأَْصْل، وَعُرُوضُ عَارِضِ الْغَمَامِ لاَ يَمْنَعُهُ، فَيَجِبُ احْتِيَاطًا، لاَ كَصَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ، فَلاَ يَثْبُتُ الْوُجُوبُ لِلاِحْتِيَاطِ فِي صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ؛ لأَِنَّ الْوُجُوبَ فِيهِ لَيْسَ هُوَ الأَْصْل، وَلاَ هُوَ ثَابِتٌ يَقِينًا (١) ".

مَوَاطِنُ الْبَحْثِ:

٣ - يَذْكُرُ الأُْصُولِيُّونَ فِي بَابِ تَعَارُضِ الأَْدِلَّةِ تَرْجِيحَ الدَّلِيل الْمُقْتَضِي لِلتَّحْرِيمِ عَلَى مَا يَقْتَضِي غَيْرَهُ مِنَ الأَْحْكَامِ لاِسْتِنَادِ ذَلِكَ التَّرْجِيحِ لِلاِحْتِيَاطِ، وَفِي تَعَارُضِ الْعِلَل تَرْجِيحُ الْعِلَّةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلتَّحْرِيمِ عَلَى


(١) فواتح الرحموت بشرح مسلم الثبوت بهامش المستصفى ٢ / ١٨٢، وانظر المعتمد لأبي الحسين البصري ١ / ٢٧٨ ط دمشق.