للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَبْل الْقَبْضِ، وَهُوَ بَعْدَ سُقُوطِهِ بَيْعٌ لِحَقِّ التَّعَلِّي، وَهُوَ لَيْسَ بِمَالٍ. فَلَوْ كَانَ الْعُلْوُ لِصَاحِبِ السُّفْل فَقَال: بِعْتُك عُلْوَ هَذَا السُّفْل بِكَذَا صَحَّ، وَيَكُونُ سَطْحُ السُّفْل لِصَاحِبِ السُّفْل، وَلِلْمُشْتَرِي حَقُّ الْقَرَارِ، حَتَّى لَوِ انْهَدَمَ الْعُلْوُ كَانَ لَهُ أَنْ يَبْنِيَ عَلَيْهِ عُلْوًا آخَرَ، مِثْل الأَْوَّل؛ لأَِنَّ السُّفْل اسْمٌ لِمَبْنًى مُسَقَّفٍ، فَكَانَ سَطْحُ السُّفْل سَقْفًا لِلسُّفْل (١) .

أَحْكَامُ الْعُلْوِ وَالسُّفْل فِي الاِنْهِدَامِ وَالْبِنَاءِ:

٣ - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ: إِِلَى أَنَّ السُّفْل إِنِ انْهَدَمَ بِنَفْسِهِ بِلاَ صُنْعِ صَاحِبِهِ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى الْبِنَاءِ، لِعَدَمِ التَّعَدِّي، فَلَوْ هَدَمَهُ يُجْبَرُ عَلَى بِنَائِهِ؛ لأَِنَّهُ تَعَدَّى عَلَى صَاحِبِ الْعُلْوِ، وَهُوَ قَرَارُ الْعُلْوِ، وَلِذِي الْعُلْوِ أَنْ يَبْنِيَ السُّفْل ثُمَّ يَرْجِعَ بِمَا أَنْفَقَ إِنْ بَنَى بِإِِذْنِهِ أَوْ إِذْنِ قَاضٍ، وَإِِلاَّ فَبِقِيمَةِ الْبِنَاءِ يَوْمَ بَنَى.

وَمَتَى بَنَى صَاحِبُ الْعُلْوِ السُّفْل: كَانَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَ صَاحِبَ السُّفْل مِنَ السُّكْنَى، حَتَّى يَدْفَعَ إِلَيْهِ مِثْل مَا أَنْفَقَهُ فِي بِنَاءِ سُفْلِهِ لِكَوْنِهِ مُضْطَرًّا.

فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا حَقٌّ فِي مِلْكِ الآْخَرِ: لِذِي الْعُلْوِ حَقُّ قَرَارِهِ، وَلِذِي السُّفْل حَقُّ دَفْعِ الْمَطَرِ وَالشَّمْسِ عَنِ السُّفْل، وَلَوْ هَدَمَ ذُو السُّفْل سُفْلَهُ وَذُو الْعُلْوِ عُلْوَهُ، أُلْزِمَ ذُو السُّفْل بِبِنَاءِ سُفْلِهِ، إِذْ


(١) الهداية وفتح القدير والكفاية والعناية بالهامش ٦ / ٦٤ - ٦٦ دار إحياء التراث العربي، وحاشية ابن عابدين ٤ / ١٠١.