للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خَرْمَ قَوَاعِدِ الشَّرِيعَةِ فِي الْوَاقِعِ، فَهُوَ حَرَامٌ مَنْهِيٌّ عَنْهُ. وَذَلِكَ كَمَا لَوْ دَخَل عَلَيْهِ وَقْتُ الصَّلاَةِ فَشَرِبَ خَمْرًا أَوْ دَوَاءً مُنَوِّمًا حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُهَا وَهُوَ فَاقِدٌ لِعَقْلِهِ كَالْمُغْمَى عَلَيْهِ، أَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ يَقْدِرُ بِهِ عَلَى الْحَجِّ فَوَهَبَهُ كَيْ لاَ يَجِبَ عَلَيْهِ الْحَجُّ (١) .

وَكَذَلِكَ يَحْرُمُ التَّصَرُّفُ فِي الْمَال بِهِبَةٍ أَوْ غَيْرِهَا قَبْل الْحَوْل لِلْفِرَارِ مِنَ الزَّكَاةِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ. وَقَدِ اخْتَلَفَ الْحَنَفِيَّةُ فِي ذَلِكَ، فَقَال أَبُو يُوسُفَ: لاَ يُكْرَهُ ذَلِكَ؛ لأَِنَّهُ امْتِنَاعٌ عَنِ الْوُجُوبِ لإِِبْطَال حَقِّ الْغَيْرِ. وَفِي الْمُحِيطِ أَنَّهُ الأَْصَحُّ. وَقَال مُحَمَّدٌ: يُكْرَهُ. وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ حَمِيدُ الدِّينِ الضَّرِيرُ؛ لأَِنَّ فِيهِ إِضْرَارًا بِالْفُقَرَاءِ، وَإِبْطَال حَقِّهِمْ مَآلاً. وَقِيل: الْفَتْوَى عَلَى قَوْل مُحَمَّدٍ، كَذَلِكَ الأَْمْرُ بِالنِّسْبَةِ لِلشَّافِعِيَّةِ، فَفِي نِهَايَةِ الْمُحْتَاجِ وَالشِّرْوَانِيِّ: يُكْرَهُ تَنْزِيهًا إِنْ قَصَدَ بِهِ الْفِرَارَ مِنَ الزَّكَاةِ. وَقَال الشِّرْوَانِيُّ: وَفِي الْوَجِيزِ يَحْرُمُ. زَادَ فِي الإِْحْيَاءِ: وَلاَ تَبْرَأُ بِهِ الذِّمَّةُ بَاطِنًا، وَأَنَّ هَذَا مِنَ الْفِقْهِ الضَّارِّ، وَقَال ابْنُ الصَّلاَحِ يَأْثَمُ بِقَصْدِهِ لاَ بِفِعْلِهِ (٢) .

كَذَلِكَ يَحْرُمُ الاِحْتِيَال لأَِخْذِ أَمْوَال النَّاسِ وَظُلْمِهِمْ فِي نُفُوسِهِمْ وَسَفْكِ دِمَائِهِمْ وَإِبْطَال حُقُوقِهِمْ. وَالدَّلِيل عَلَى حُرْمَةِ الاِحْتِيَال قَوْله تَعَالَى: {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ. . .} ؛ لأَِنَّهُمُ


(١) الموافقات ٢ / ٣٧٩، ٤ / ٢٠١ والشرح الصغير ١ / ٦٠٠ ط دار المعارف، والمغني ٢ / ٥٣٤ ط المنار.
(٢) الأشباه لابن نجيم ٢ / ٢٩٢ ط استنبول، والشرواني ٣ / ٢٣٥ ط دار صادر.