للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْعَرَبُ. فَإِنْ قِيل: الْعَرَبُ إِنَّمَا تَفْهَمُ مِنْ قَوْله تَعَالَى: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} (١) وَ {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (٢) الْجِهَةَ، وَالاِسْتِقْرَارَ. وَقَدْ أُرِيدَ بِهِ غَيْرُهُ فَهُوَ مُتَشَابِهٌ. قُلْنَا هَيْهَاتَ، فَإِنَّ هَذِهِ كِنَايَاتٌ، وَاسْتِعَارَاتٌ يَفْهَمُهَا الْمُؤْمِنُونَ مِنَ الْعَرَبِ الْمُصَدِّقُونَ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، وَأَنَّهَا مُؤَوَّلَةٌ تَأْوِيلاَتٌ تُنَاسِبُ تَفَاهُمَ الْعَرَبِ. (٣)

وَهُنَاكَ مَنْ يَرَى إِثْبَاتَ هَذِهِ الأَْسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ عَلَى ظَاهِرِهَا، مَعَ الْتِزَامِ التَّنْزِيهِ. وَالتَّفْصِيل فِي عِلْمِ الْعَقِيدَةِ.

وَقَال الطَّبَرِيُّ: وَفِي حَثِّ اللَّهِ تَعَالَى عِبَادَهُ عَلَى الاِعْتِبَارِ بِمَا فِي آيِ الْقُرْآنِ مِنَ الْمَوَاعِظِ، وَالْبَيَانَاتِ فِي قَوْله تَعَالَى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الأَْلْبَابِ} (٤) وَمَا أَشْبَهَهَا مِنْ آيِ الْقُرْآنِ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ عِبَادَهُ، وَحَثَّهُمْ فِيهَا عَلَى الاِعْتِبَارِ بِأَمْثَال آيِ الْقُرْآنِ وَالاِتِّعَاظِ بِهِ، مَا يَدُل عَلَى أَنَّ عَلَيْهِمْ مَعْرِفَةَ تَأْوِيل مَا لَمْ يُحْجَبْ عَنْهُمْ تَأْوِيلُهُ مِنْ آيِهِ، لأَِنَّهُ مُحَالٌ أَنْ يُقَال - لِمَنْ لاَ يَفْهَمُ مَا يُقَال لَهُ، وَلاَ يَعْقِل تَأْوِيلَهُ -: اعْتَبِرْ بِمَا لاَ فَهْمَ لَكَ بِهِ، وَلاَ مَعْرِفَةَ مِنَ


(١) سورة الأنعام / ١٨.
(٢) سورة طه / ٥.
(٣) المستصفى ١ / ١٠٧.
(٤) سورة ص / ١٢٩.