للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَا يُبَاحُ إِحْرَاقُهُ وَمَا لاَ يُبَاحُ:

٢٦ - الأَْصْل أَنَّ الْمُصْحَفَ الصَّالِحَ لِلْقِرَاءَةِ لاَ يُحْرَقُ، لِحُرْمَتِهِ، وَإِذَا أُحْرِقَ امْتِهَانًا يَكُونُ كُفْرًا عِنْدَ جَمِيعِ الْفُقَهَاءِ.

وَهُنَاكَ بَعْضُ الْمَسَائِل الْفَرْعِيَّةِ، مِنْهَا: قَال الْحَنَفِيَّةُ: الْمُصْحَفُ إِذَا صَارَ خَلَقًا، وَتَعَذَّرَ الْقِرَاءَةُ مِنْهُ، لاَ يُحْرَقُ بِالنَّارِ، بَل يُدْفَنُ، كَالْمُسْلِمِ.

وَذَلِكَ بِأَنْ يُلَفَّ فِي خِرْقَةٍ طَاهِرَةٍ ثُمَّ يُدْفَنَ. وَتُكْرَهُ إِذَابَةُ دِرْهَمٍ عَلَيْهِ آيَةٌ، إِلاَّ إِذَا كُسِرَ، فَحِينَئِذٍ لاَ يُكْرَهُ إِذَابَتُهُ، لِتَفَرُّقِ الْحُرُوفِ، أَوْ؛ لأَِنَّ الْبَاقِيَ دُونَ آيَةٍ.

وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: حَرْقُ الْمُصْحَفِ الْخَلَقِ إِنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ صِيَانَتِهِ فَلاَ ضَرَرَ، بَل رُبَّمَا وَجَبَ (١) .

وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: الْخَشَبَةُ الْمَنْقُوشُ عَلَيْهَا قُرْآنٌ فِي حَرْقِهَا أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ: يُكْرَهُ حَرْقُهَا لِحَاجَةِ الطَّبْخِ مَثَلاً، وَإِنْ قُصِدَ بِحَرْقِهَا إِحْرَازُهَا لَمْ يُكْرَهْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْحَرْقُ لِحَاجَةٍ، وَإِنَّمَا فَعَلَهُ عَبَثًا فَيَحْرُمُ، وَإِنْ قَصَدَ الاِمْتِهَانَ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَكْفُرُ.

وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى جَوَازِ تَحْرِيقِ الْمُصْحَفِ غَيْرِ الصَّالِحِ لِلْقِرَاءَةِ (٢) .

أَمَّا كُتُبُ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَغَيْرِهَا فَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الاِسْتِخْفَافِ فَإِحْرَاقُهَا كُفْرٌ مِثْل الْقُرْآنِ، وَأَيْضًا أَسْمَاءُ اللَّهِ وَأَسْمَاءُ الأَْنْبِيَاءِ الْمَقْرُونَةِ بِمَا يَدُل عَلَى ذَلِكَ مِثْل: " عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ " لاَ مُطْلَقُ الأَْسْمَاءِ.

وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: هَذِهِ الْكُتُبُ إِذَا كَانَ يَتَعَذَّرُ


(١) الدسوقي ٤ / ٣٠١
(٢) الفروع ١ / ١١٥، وكشاف القناع ١ / ١٣٧