للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاَللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (١) } يَعْنِي إِذَا أَرَدْتَ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ.

وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى وُجُوبِ التَّعَوُّذِ لِظَاهِرِ الأَْمْرِ فَإِنْ كَانَ يَقْرَأُ وَهُوَ مَاشٍ فَسَلَّمَ عَلَى قَوْمٍ وَعَادَ إِلَى الْقِرَاءَةِ كَانَ حَسَنًا إِعَادَةُ التَّعَوُّذِ. وَصِفَتُهُ الْمُخْتَارَةُ: (أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ) وَكَانَ جَمَاعَةٌ مِنَ السَّلَفِ يَزِيدُونَ بَعْدَ لَفْظِ الْجَلاَلَةِ: السَّمِيعَ الْعَلِيمَ، وَعَنْ حَمْزَةَ أَسْتَعِيذُ وَنَسْتَعِيذُ وَاسْتَعَذْتُ، وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ لِمُطَابَقَةِ لَفْظِ الْقُرْآنِ، وَهُنَاكَ صِيَغٌ أُخْرَى لِلاِسْتِعَاذَةِ (٢) . قَال الْحَلْوَانِيُّ فِي جَامِعِهِ: لَيْسَ لِلاِسْتِعَاذَةِ حَدٌّ يُنْتَهَى إِلَيْهِ، مَنْ شَاءَ زَادَ وَمَنْ شَاءَ نَقَصَ، وَفِي النَّشْرِ لاِبْنِ الْجَزَرِيِّ: الْمُخْتَارُ عِنْدَ أَئِمَّةِ الْقِرَاءَةِ الْجَهْرُ بِهَا، وَقِيل: يُسِرُّ مُطْلَقًا، وَقِيل: فِيمَا عَدَا الْفَاتِحَةَ، وَقَدْ أَطْلَقُوا اخْتِيَارَ الْجَهْرِ بِهَا، وَقَيَّدَهُ أَبُو شَامَةَ بِقَيْدٍ لاَ بُدَّ مِنْهُ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ بِحَضْرَةِ مَنْ يَسْمَعُهُ، قَال: لأَِنَّ فِي الْجَهْرِ بِالتَّعَوُّذِ إِظْهَارَ شِعَارِ الْقِرَاءَةِ، كَالْجَهْرِ بِالتَّلْبِيَةِ وَتَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ. وَمِنْ فَوَائِدِ الْجَهْرِ أَنَّ السَّامِعَ يُنْصِتُ لِلْقِرَاءَةِ مِنْ أَوَّلِهَا لاَ يَفُوتُهُ مِنْهَا شَيْءٌ، وَإِذَا أَخْفَى التَّعَوُّذَ لَمْ


(١) سورة النحل / ٩٨.
(٢) الإتقان ص ١٠٤ - ١٠٥، والبرهان في علوم القرآن ١ / ٤٥٩ - ٤٦٠ نشر دار المعرفة، وانظر مصطلح استعاذة ف ١١ ٤ / ٨. والتبيان في آداب حملة القرآن ص ٣٩ و ٤٤.