للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ (الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ) إِلَى سُقُوطِ الزَّكَاةِ عَنْهُ مَعَ الْكَرَاهَةِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ.

وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى عَدَمِ سُقُوطِ الزَّكَاةِ عَنْهُ (١) .

ب - تَلَفُ الْمَال بَعْدَ وُجُوبِ زَكَاةِ الْفِطْرِ:

٥ - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ - وَمِنْهُمُ الْحَنَفِيَّةُ - إِلَى أَنَّ تَلَفَ الْمَال بَعْدَ وُجُوبِ زَكَاةِ الْفِطْرِ وَبَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنْ أَدَائِهَا لاَ يُسْقِطُهَا، بَل تَسْتَقِرُّ فِي ذِمَّتِهِ اتِّفَاقًا، وَفَرَّقَ الْحَنَفِيَّةُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَكَاةِ الْمَال بِأَنَّ وُجُوبَ زَكَاةِ الْفِطْرِ مُتَعَلِّقٌ بِالْقُدْرَةِ الْمُمْكِنَةِ، وَهِيَ أَدْنَى مَا يَتَمَكَّنُ بِهِ الْعَبْدُ مِنْ أَدَاءِ مَا لَزِمَهُ مِنْ غَيْرِ حَرَجٍ غَالِبًا، أَمَّا زَكَاةُ الْمَال فَيَتَعَلَّقُ وُجُوبُهَا بِالْقُدْرَةِ الْمُيَسَّرَةِ، وَهِيَ مَا يُوجِبُ يُسْرَ الأَْدَاءِ عَلَى الْمُكَلَّفِ بَعْدَمَا ثَبَتَ الإِْمْكَانُ بِالْقُدْرَةِ الْمُمْكِنَةِ، وَدَوَامُهَا شَرْطٌ لِدَوَامِ الْوَاجِبِ الشَّاقِّ عَلَى النَّفْسِ كَأَكْثَرِ الْوَاجِبَاتِ الْمَالِيَّةِ، حَتَّى سَقَطَتِ الزَّكَاةُ وَالْعُشْرُ وَالْخَرَاجُ بِهَلاَكِ الْمَال بَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنَ الأَْدَاءِ؛ لأَِنَّ الْقُدْرَةَ الْمُيَسَّرَةَ وَهِيَ وَصْفُ النَّمَاءِ قَدْ فَاتَتْ بِالْهَلاَكِ، فَيَفُوتُ دَوَامُ الْوُجُوبِ لِفَوَاتِ شَرْطِهِ، بِخِلاَفِ الْقُدْرَةِ الْمُمْكِنَةِ فَلَيْسَ بَقَاؤُهَا شَرْطًا لِبَقَاءِ الْوَاجِبِ.

أَمَّا إِذَا كَانَ تَلَفُ الْمَال قَبْل التَّمَكُّنِ مِنَ الأَْدَاءِ


(١) حاشية ابن عابدين ٢ / ٢١، وحاشية الدسوقي ١ / ٥٠٣، وروضة الطالبين ٢ / ١٩٠، والإنصاف ٣ / ٣٢.