للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فِيهَا التَّنَاقُضُ؛ لأَِنَّ كَذِبَ الْمُدَّعِي يَظْهَرُ فِي مِثْل هَذِهِ الدَّعْوَى، وَمِنْ أَمْثِلَةِ وُقُوعِ التَّنَاقُضِ فِي الدَّعْوَى: الاِدِّعَاءُ بِالْمِلْكِيَّةِ بَعْدَ اسْتِشْرَاءِ الْمُدَّعَى بِهِ أَوِ اسْتِئْجَارِهِ وَنَحْوِهِ (١) .

وَكَمَا يَمْنَعُ التَّنَاقُضُ أَصْل الدَّعْوَى يَمْنَعُ دَفْعَ الدَّعْوَى أَيْضًا فَعَلَيْهِ إِذَا أَقَرَّ الْكَفِيل بِأَنَّهُ مَدِينٌ بِكَذَا دِرْهَمًا مِنْ جِهَةِ الْكَفَالَةِ ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ إِقْرَارِهِ الْمَذْكُورِ بِأَنَّ الأَْصِيل قَدْ أَوْفَى الدَّيْنَ أَوْ أَنَّ الدَّائِنَ قَدْ أَبْرَأَنِي قَبْل الإِْقْرَارِ فَلاَ يُقْبَل لِلتَّنَاقُضِ.

وَإِذَا حَصَل تَنَاقُضٌ بَيْنَ دَعْوَيَيْنِ فَتَكُونُ الدَّعْوَى الثَّانِيَةُ مَرْدُودَةً، وَلَكِنْ لِلْمُدَّعِي أَنْ يُعَقِّبَ دَعْوَاهُ الأُْولَى؛ لأَِنَّ الدَّعْوَى الثَّانِيَةَ لَمْ تُسْتَمَعْ بِسَبَبِ ظُهُورِ كَذِبِهَا، أَمَّا الدَّعْوَى الأُْولَى فَلَمْ يَظْهَرْ كَذِبُهَا (٢) .

وَكَمَا يَمْنَعُ التَّنَاقُضُ الدَّعْوَى لِنَفْسِ الْمُدَّعِي الْمُنَاقِضِ لِنَفْسِهِ يَمْنَعُهَا لِغَيْرِهِ، فَمَنْ أَقَرَّ بِعَيْنٍ لِغَيْرِهِ فَكَمَا لاَ يَمْلِكُ أَنْ يَدَّعِيَهُ لِنَفْسِهِ لاَ يَمْلِكُ أَنْ يَدَّعِيَهُ لِغَيْرِهِ بِوَكَالَةٍ أَوْ بِوِصَايَةٍ (٣) .

وَقَدْ فَصَّل الْفُقَهَاءُ الْقَوْل فِيمَا يَرْتَفِعُ بِهِ التَّنَاقُضُ وَالْحَالاَتُ الَّتِي يُعْفَى التَّنَاقُضُ فِيهَا وَغَيْرُهَا مِنَ الْمَسَائِل الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْمَوْضُوعِ وَيُنْظَرُ فِي (دَعْوَى) .


(١) درر الحكام ٤ / ١٥٦، ٢٢٨، ٢٣٠، ٢٣٦، ٢٣٧، والفتاوى الهندية ٤ / ٢.
(٢) درر الحكام ٤ / ٢٣٠، ٢٣٤، ٢٣٥، وانظر أيضا تبصرة الحكام لابن فرحون ١ / ١٠٩ ط دار الكتب العلمية.
(٣) جامع الفصولين ١ / ٩٠.