للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لآِخِرِ ذِي الْحِجَّةِ (١) .

وَعَلَى هَذَا فَالْمِيقَاتُ الزَّمَانِيُّ بِالنِّسْبَةِ لِلإِْحْرَامِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، إِنَّمَا مُرَتَّبٌ عَلَى مَذْهَبِ الْمَالِكِيَّةِ جَوَازُ تَأْخِيرِ الإِْحْلاَل إِلَى آخِرِ ذِي الْحِجَّةِ، كَمَا سَيَأْتِي.

وَهَذَا الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ الْمَالِكِيَّةُ " قَدْ حُكِيَ أَيْضًا عَنْ طَاوُسٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَالرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، وَقَتَادَةَ (٢) ".

وَالأَْصْل لِلْفَرِيقَيْنِ قَوْله تَعَالَى {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَال فِي الْحَجِّ} (٣)

فَالْجُمْهُورُ فَسَّرُوا الآْيَةَ بِأَنَّ الْمُرَادَ شَهْرَانِ وَبَعْضُ الثَّالِثِ. وَاسْتَدَلُّوا بِالآْثَارِ عَنِ الصَّحَابَةِ. كَمَا يَدُل لَهُمْ أَنَّ أَرْكَانَ الْحَجِّ تُؤَدَّى خِلاَل تِلْكَ الْفَتْرَةِ.

وَأَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَدَلِيلُهُمْ وَاضِحٌ، وَهُوَ ظَاهِرُ الآْيَةِ؛ لأَِنَّهَا عَبَّرَتْ بِالْجَمْعِ " أَشْهُرٌ " وَأَقَل الْجَمْعِ ثَلاَثٌ، فَلاَ بُدَّ مِنْ دُخُول ذِي الْحِجَّةِ بِكَمَالِهِ.

ثُمَّ اخْتَلَفَ الْجُمْهُورُ فِي نَهَارِ يَوْمِ النَّحْرِ هَل هُوَ مِنْ أَشْهُرِ الْحَجِّ أَوْ لاَ. فَقَال الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: هُوَ مِنْ أَشْهُرِ الْحَجِّ.

وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: آخِرُ أَشْهُرِ الْحَجِّ لَيْلَةُ يَوْمِ النَّحْرِ. وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ. وَفِي وَجْهٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ فِي لَيْلَةِ النَّحْرِ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ أَشْهُرِ الْحَجِّ. وَالأَْوَّل هُوَ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ (٤) .


(١) الشرح الكبير بحاشيته ٢ / ٢١ والسياق منه، وشرح الزرقاني ٢ / ٢٤١، وشرح الرسالة بحاشية العدوي ١ / ٤٥٧
(٢) تفسير ابن كثير ١ / ٢٣٦
(٣) سورة البقرة / ١٩٧
(٤) المجموع ٧ / ١٣٢، وانظر فتح القدير ٢ / ٢٢١، ونهاية المحتاج ٢ / ٣٨٨