للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اسْتَدَل الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَفَ يَوْمَ النَّحْرِ بَيْنَ الْجَمَرَاتِ فِي الْحَجَّةِ الَّتِي حَجَّ فَقَال: أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ قَالُوا: يَوْمُ النَّحْرِ. قَال: هَذَا يَوْمُ الْحَجِّ الأَْكْبَرِ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ (١) .

قَالُوا: وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ يَوْمُ الْحَجِّ الأَْكْبَرِ لَيْسَ مِنْ أَشْهُرِهِ (٢) . وَيَشْهَدُ لَهُ حَدِيثُ بَعْثِ أَبِي بَكْرٍ أَبَا هُرَيْرَةَ يُؤَذِّنُ فِي النَّاسِ يَوْمَ النَّحْرِ أَنْ لاَ يَحُجَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ، فَإِنَّهُ امْتِثَالٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَْكْبَرِ. . .} وَالْحَدِيثُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَاحْتَجُّوا بِالدَّلِيل الْمَعْقُول؛ لأَِنَّ يَوْمَ النَّحْرِ فِيهِ رُكْنُ الْحَجِّ، وَهُوَ طَوَافُ الزِّيَارَةِ، وَفِيهِ كَثِيرٌ مِنْ أَفْعَال الْحَجِّ، مِنْهَا: رَمْيُ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، وَالنَّحْرُ، وَالْحَلْقُ، وَالطَّوَافُ، وَالسَّعْيُ، وَالرُّجُوعُ إِلَى مِنًى (٣) .

وَمُسْتَبْعَدٌ " أَنْ يُوضَعَ لأَِدَاءِ رُكْنِ عِبَادَةٍ وَقْتٌ لَيْسَ وَقْتَهَا، وَلاَ هُوَ مِنْهُ " (٤)

وَاسْتَدَل الشَّافِعِيَّةُ بِرِوَايَةِ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَال: " أَشْهُرُ الْحَجِّ شَوَّالٌ وَذُو الْقَعْدَةِ وَعَشْرٌ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ " أَيْ عَشْرُ لَيَالٍ. وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ الزُّبَيْرِ مِثْلُهُ. رَوَاهَا كُلَّهَا الْبَيْهَقِيُّ، وَصَحَّحَ الرِّوَايَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَرِوَايَةُ ابْنِ عُمَرَ صَحِيحَةٌ (٥) .


(١) أبو داود في الحج (باب يوم الحج الأكبر) ٢ / ١٩٥ وابن ماجه رقم ٣٠٥٨
(٢) المغني ٣ / ٢٩٥، وانظر مطالب أولي النهى ٢ / ٣٠١
(٣) المغني الموضع السابق.
(٤) فتح القدير ٢ / ٣٢١
(٥) المجموع ٧ / ١٣٣ وانظر السنن الكبرى للبيهقي (باب بيان أشهر الحج) ٤ / ٣٤٢. وهذه الآثار أخرجها الدارقطني أيضا ٢ / ٢٢٦، ٢٢٧ وفها الرواية عن ابن عمر من طريق عبد الله بن دينار عنه. ورواية نافع أخرجها الحاكم في المستدرك ٢ / ٢٧٦. وقال: صحيح على شرطهما. ووافقه الذهبي.