للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَوْ فِي بَحْرٍ؛ لأَِنَّ الْقِصَاصَ عُقُوبَةٌ لِلْوَاحِدِ عَلَى الْوَاحِدِ فَيَجِبُ لَهُ عَلَى الْجَمَاعَةِ كَحَدِّ الْقَذْفِ؛ وَلأَِنَّهُ شُرِعَ لِحَقْنِ الدِّمَاءِ، فَلَوْ لَمْ يَجِبْ عِنْدَ الاِشْتِرَاكِ لاَُتُّخِذَ ذَرِيعَةً إِلَى سَفْكِهَا؛ وَلِحَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

أَمَّا مَنْ لَيْسَ لِجُرْحِهِ أَوْ ضَرْبِهِ دَخْلٌ فِي الزَّهُوقِ بِقَوْل أَهْل الْخِبْرَةِ فَلاَ يُعْتَبَرُ. وَلَوْ ضَرَبُوهُ بِسِيَاطٍ، أَوْ عَصًا خَفِيفَةٍ فَقَتَلُوهُ وَضَرْبُ كُلٍّ مِنْهُمْ لاَ يَقْتُل، قُتِلُوا إِنْ تَوَاطَئُوا أَيِ اتَّفَقُوا عَلَى ضَرْبِهِ. وَكَانَتْ جُمْلَةُ السِّيَاطِ بِحَيْثُ يُقْصَدُ بِهَا الْهَلاَكُ (١) . وَإِنْ وَقَعَ مُصَادَفَةً وَلَمْ يَعْلَمِ الْمُتَأَخِّرُ ضَرْبَ غَيْرِهِ، فَالدِّيَةُ تَجِبُ عَلَيْهِمْ بِاعْتِبَارِ عَدَدِ الضَّرَبَاتِ إِنْ عُلِمَ يَقِينًا، فَإِنْ جُهِل أَوْ شُكَّ فِيهِ فَالتَّوْزِيعُ عَلَى الرُّءُوسِ كَالتَّوْزِيعِ فِي الْجِرَاحِ.

وَإِنَّمَا لَمْ يُعْتَبَرِ التَّوَاطُؤُ فِي الْجِرَاحَاتِ وَالضَّرَبَاتِ الْمُهْلِكِ كُلٍّ مِنْهَا لَوِ انْفَرَدَ؛ لأَِنَّهَا قَاتِلَةٌ فِي نَفْسِهَا وَيُقْصَدُ بِهَا الْهَلاَكُ مُطْلَقًا، وَالضَّرْبُ الْخَفِيفُ لاَ يَظْهَرُ فِيهِ قَصْدُ الإِْهْلاَكِ مُطْلَقًا إِلاَّ بِالْمُوَالاَةِ مِنْ وَاحِدٍ وَالْمُوَاطِئُ مِنْ جَمْعٍ.

وَلَوْ ضَرَبَ اثْنَانِ شَخْصًا بِسِيَاطٍ أَوْ عَصًا خَفِيفَةٍ فَقَتَلُوهُ، وَضَرْبُ أَحَدِهِمَا يَقْتُل، وَضَرْبُ الآْخَرِ لاَ يَقْتُل، فَإِنْ سَبَقَ الضَّرْبُ الَّذِي يَقْتُل


(١) ذلك ما جاء في شرح المنهج، وفي نهاية المحتاج أن في القصاص أوجها أصحها الوجوب في هذه الحالة، وفيها كذلك أن ضرب كل منهم لو كان قاتلا لو انفرد وجب عليهم القود جزما.