للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اسْتَدَل الْجُمْهُورُ بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ السَّابِقِ فِي مَحْظُورَاتِ الإِْحْرَامِ. وَاسْتَدَل الْحَنَابِلَةُ بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَالُوا: " إِنَّ زِيَادَةَ الْقَطْعِ - أَيْ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ - اخْتُلِفَ فِيهَا، فَإِنْ صَحَّتْ فَهِيَ بِالْمَدِينَةِ، لِرِوَايَةِ أَحْمَدَ عَنْهُ: " سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول عَلَى هَذَا الْمِنْبَرِ " فَذَكَرَهُ، وَخَبَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ بِعَرَفَاتٍ، فَلَوْ كَانَ الْقَطْعُ وَاجِبًا لَبَيَّنَهُ لِلْجَمْعِ الْعَظِيمِ الَّذِي لَمْ يَحْضُرْ أَكْثَرُهُمْ ذَلِكَ بِالْمَدِينَةِ.

وَقَدْ فَسَّرَ الْجُمْهُورُ الْكَعْبَ الَّذِي يُقْطَعُ الْخُفُّ أَسْفَل مِنْهُ بِأَنَّهُمَا الْعَظْمَانِ النَّاتِئَانِ عِنْدَ مَفْصِل السَّاقِ وَالْقَدَمِ. وَفَسَّرَهُ الْحَنَفِيَّةُ بِالْمَفْصِل الَّذِي فِي وَسَطِ الْقَدَمِ عِنْدَ مَعْقِدِ الشِّرَاكِ. وَوَجْهُهُ أَنَّهُ: " لَمَّا كَانَ الْكَعْبُ يُطْلَقُ عَلَيْهِ وَعَلَى النَّاتِئِ حُمِل عَلَيْهِ احْتِيَاطًا (١) ".

٦٠ - رَابِعًا: أَلْحَقَ الْمَالِكِيَّةُ (٢) وَالشَّافِعِيَّةُ (٣) وَالْحَنَابِلَةُ (٤) بِالْخُفَّيْنِ كُل مَا سَتَرَ شَيْئًا مِنَ الْقَدَمَيْنِ سَتْرَ إِحَاطَةٍ، فَلَمْ يُجِيزُوا لُبْسَ الْخُفَّيْنِ الْمَقْطُوعَيْنِ أَسْفَل مِنَ الْكَعْبَيْنِ إِلاَّ عِنْدَ فَقْدِ النَّعْلَيْنِ. وَلَوْ وَجَدَ النَّعْلَيْنِ لَمْ يَجُزْ لَهُ لُبْسُهُمَا، وَوَجَبَ عَلَيْهِ خَلْعُهُمَا إِنْ كَانَ قَدْ لَبِسَهُمَا. وَإِنْ لَبِسَهُمَا لِعُذْرٍ كَالْمَرَضِ لَمْ يَأْثَمْ وَعَلَيْهِ الْفِدَاءُ.

وَأَمَّا الْحَنَفِيَّةُ (٥) فَإِنَّهُمْ قَالُوا: كُل مَا كَانَ غَيْرَ سَاتِرٍ


(١) المسلك المتقسط ص ٨١، وفتح القدير ٢ / ١٤٢، وانظر فتح الباري ٣ / ٢٥٩، ٢٦٠
(٢) الرسالة وحاشية العدوي ١ / ٤٨٩، ٤٩٠، والشرح الكبير ٢ / ٥٥
(٣) شرح المحلي ٢ / ١٣١، والنهاية ٢ / ٤٤٩، ومغني المحتاج ١ / ٥١٩
(٤) المغني ٣ / ٣٠٢،٣٠٣، ومطالب أولي النهى ٢ / ٣٢٩
(٥) المسلك المتقسط ص ٨١، والدر المختار، وحاشيته رد المحتار ٢ / ٢٢٤