للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَمَّا حُقُوقُ اللَّهِ فَيَسْقُطُ الإِْثْمُ، وَقَدْ تَسْقُطُ مُطَالَبَةُ الشَّارِعِ بِإِعَادَةِ الْعِبَادَةِ مَرَّةً أُخْرَى.

هَذَا وَإِنَّ قَوَاعِدَ التَّخْفِيفِ الْمَذْكُورَةَ فِي أَبْوَابِ النِّسْيَانِ وَالْجَهْل وَالْخَطَأِ هِيَ قَوَاعِدُ غَالِبِيَّةٌ يَقَعُ فِيهَا كَثِيرٌ مِنَ الاِسْتِثْنَاءَاتِ، وَقَدْ حَاوَل بَعْضُ أَصْحَابِ كُتُبِ الأَْشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ، وَكُتُبِ الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ، حَصْرَهَا فَيُرْجَعُ إِلَيْهَا هُنَاكَ (١) . وَانْظُرْ أَيْضًا (نِسْيَانٌ. جَهْلٌ. خَطَأٌ) .

السَّبَبُ السَّابِعُ: الْعُسْرُ وَعُمُومُ الْبَلْوَى:

٣٨ - يَدْخُل فِيهِ الأَْعْذَارُ الْغَالِبَةُ الَّتِي تَكْثُرُ الْبَلْوَى بِهَا وَتَعُمُّ فِي النَّاسِ، دُونَ مَا كَانَ مِنْهَا نَادِرًا، وَذَلِكَ أَنَّ الشَّرْعَ فَرَّقَ فِي الأَْعْذَارِ بَيْنَ غَالِبِهَا وَنَادِرِهَا، فَعَفَا عَنْ غَالِبِهَا لِمَا فِي اجْتِنَابِهِ مِنَ الْمَشَقَّةِ الْغَالِبَةِ. وَإِنَّمَا تَكُونُ غَالِبَةً لِتَكَرُّرِهَا، وَكَثْرَتِهَا وَشُيُوعِهَا فِي النَّاسِ، بِخِلاَفِ مَا كَانَ مِنْهَا نَادِرًا فَالأَْكْثَرُ أَنَّهُ يُؤَاخَذُ بِهِ، وَلاَ يَكُونُ عُذْرًا لاِنْتِفَاءِ الْمَشَقَّةِ غَالِبًا، فَإِنْ كَانَ فِيهِ عُسْرٌ كَمَشَقَّةِ الاِحْتِرَازِ عَمَّا لاَ يُدْرِكُهُ الطَّرَفُ مِنْ رَشَاشِ الْبَوْل فَيُعْفَى عَنْهُ أَيْضًا. وَمَثَّل الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ بِمَنْ أَتَى بِمَحْظُورِ الصَّلاَةِ نِسْيَانًا، فَإِنَّهُ إِنْ قَصُرَ زَمَانُهُ يُعْفَى عَنْهُ اتِّفَاقًا لِعُمُومِ الْبَلْوَى، وَإِنْ طَال زَمَانُهُ فَفِيهِ مَذْهَبَانِ: أَحَدُهُمَا: يُعْفَى عَنْهُ؛ لأَِنَّهُ لَمْ يَنْتَهِكِ الْحُرْمَةَ، وَالآْخَرُ: لاَ يُعْفَى عَنْهُ لأَِنَّهُ نَادِرٌ (٢) .


(١) الأشباه والنظائر للسيوطي ص٥٤١.
(٢) قواعد الأحكام ٢ / ٣.