للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللَّهِ - عَلَى مَا يُؤَدِّي مِنْ طَاعَاتٍ، وَاجِبَةً كَانَتْ أَوْ مَنْدُوبَةً، وَعَلَى مَا يَتْرُكُ مِنْ مُحَرَّمَاتٍ وَمَكْرُوهَاتٍ. يَقُول اللَّهُ تَعَالَى: {فَمَنْ يَعْمَل مِثْقَال ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَل مِثْقَال ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (١) } ، وَيَقُول النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مُؤْمِنًا حَسَنَةً يُعْطَى بِهَا فِي الدُّنْيَا وَيُجْزَى بِهَا فِي الآْخِرَةِ لَكِنَّ فِعْل الْوَاجِبَاتِ وَالْمَنْدُوبَاتِ وَتَرْكَ الْمُحَرَّمَاتِ وَالْمَكْرُوهَاتِ لَيْسَ سَبَبًا فِي حَدِّ ذَاتِهِ - لِلثَّوَابِ - مَعَ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ الْفِعْل مُجْزِئًا وَمُبْرِئًا لِلذِّمَّةِ وَالتَّرْكُ كَافِيًا لِلْخُرُوجِ مِنَ الْعُهْدَةِ؛ لأَِنَّهُ يُشْتَرَطُ لِحُصُول الثَّوَابِ فِي الْفِعْل وَالتَّرْكِ نِيَّةُ امْتِثَال أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى. بَل إِنَّ الْمُبَاحَاتِ رَغْمَ أَنَّهَا لاَ تَفْتَقِرُ إِلَى نِيَّةٍ، لَكِنْ إِنْ أُرِيدَ بِهَا الثَّوَابُ بِجَعْلِهَا وَسِيلَةً لِلْعِبَادَةِ الْمَشْرُوعَةِ افْتَقَرَتْ إِلَى نِيَّةٍ (٢) .

قَال الشَّاطِبِيُّ: الأَْعْمَال بِالنِّيَّاتِ، وَالْمَقَاصِدُ مُعْتَبَرَةٌ فِي التَّصَرُّفَاتِ مِنَ الْعِبَادَاتِ وَالْعَادَاتِ، وَالأَْدِلَّةُ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى لاَ تَنْحَصِرُ، مِنْهَا قَوْله تَعَالَى: {وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ (٣) } وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّمَا الأَْعْمَال بِالنِّيَّاتِ،


(١) سورة الزلزلة / ٧، ٨.
(٢) الذخيرة / ٦٢، ٢٤٠، والموافقات للشاطبي وما بعدها ١ / ١٤٩ - ١٥١، إلى ٢ / ٣٢٣ - ٣٢٩، والفروق للقرافي ١ / ١٣٠، ٢ / ٥٠ - ٥١، والمنثور في القواعد ٣ / ٢٨٧ - ٢٨٨.
(٣) سورة البينة / ٥.