للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قَابَلَهُمُ الأَْنْبِيَاءُ بِغِلْظَةٍ لَنَفَرَتْ طِبَاعُهُمْ وَانْصَرَفَتْ عُقُولُهُمْ عَنِ التَّدَبُّرِ لِمَا قَالُوا، وَالتَّدَبُّرِ لِمَا جَاءُوا بِهِ مِنَ الْبَيِّنَاتِ، فَلَمْ تَتَّضِحْ لَهُمُ الْمَحَجَّةُ وَلَمْ يُقِمْ عَلَيْهِمُ الْحُجَّةَ (١) .

ب - الْجَدَل الْمَذْمُومُ:

٦ - الْجَدَل الْمَذْمُومُ هُوَ كُل جَدَلٍ بِالْبَاطِل، أَوْ يَسْتَهْدِفُ الْبَاطِل، أَوْ يُفْضِي إِلَيْهِ، أَوْ كَانَ الْقَصْدُ مِنْهُ التَّعَالِيَ عَلَى الْخَصْمِ وَالْغَلَبَةِ عَلَيْهِ، فَهَذَا مَمْنُوعٌ شَرْعًا، وَيَتَأَكَّدُ تَحْرِيمُهُ إِذَا قَلَبَ الْبَاطِل حَقًّا، أَوِ الْحَقَّ بَاطِلاً.

وَقَدْ يَكُونُ الْجَدَل مَكْرُوهًا إِذَا كَانَ الْقَصْدُ مِنْهُ مُجَرَّدَ الظُّهُورِ وَالْغَلَبَةِ فِي الْخُصُومَةِ.

وَعَلَى ذَلِكَ فَالنُّصُوصُ الشَّرْعِيَّةُ الآْمِرَةُ بِالْجَدَل مَحْمُولَةٌ عَلَى النَّوْعِ الأَْوَّل كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (٢) . وَأَمَّا النُّصُوصُ الشَّرْعِيَّةُ الَّتِي ذَمَّتِ الْجَدَل فَمَحْمُولَةٌ عَلَى النَّوْعِ الثَّانِي كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَيُجَادِل الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِل لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ} (٣) وقَوْله تَعَالَى


(١) استخراج الجدال من القرآن لناصح الدين ابن الحنبلي ص ٥٢ - ٥٣، والسيرة النبوية لابن كثير ٣ / ١٢٠، ٢٠٢، ٣١٩، ٣٢٠، والرد على المنطقيين ص ٤٦٧ - ٤٦٨، وجامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر ٢ / ١٢٠ - ١٢٣، ودرء تعارض العقل والنقل ١ / ٣٥٧.
(٢) سورة النحل / ١٢٥.
(٣) سورة الكهف / ٥٦.