للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٤ - الْجِزْيَةُ مَوْرِدٌ مَالِيٌّ تَسْتَعِينُ بِهِ الدَّوْلَةُ

الإِْسْلاَمِيَّةُ فِي الإِْنْفَاقِ عَلَى الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ

وَالْحَاجَاتِ الأَْسَاسِيَّةِ لِلْمُجْتَمَعِ.

١٥ - تُعْتَبَرُ الْجِزْيَةُ مَوْرِدًا مَالِيًّا مِنْ مَوَارِدِ الدَّوْلَةِ الإِْسْلاَمِيَّةِ، تُنْفِقُ مِنْهُ عَلَى الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ وَالْحَاجَاتِ الأَْسَاسِيَّةِ لِلْمُجْتَمَعِ: كَالدِّفَاعِ عَنِ الْبِلاَدِ، وَتَوْفِيرِ الأَْمْنِ فِي الْمُجْتَمَعِ، وَتَحْقِيقِ التَّكَافُل الاِجْتِمَاعِيِّ، وَالْمَرَافِقِ الْعَامَّةِ: كَبِنَاءِ الْمَدَارِسِ وَالْمَسَاجِدِ وَالْجُسُورِ وَالطُّرُقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.

قَال ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي بَيَانِ الْحِكْمَةِ مِنْ مَشْرُوعِيَّةِ الْجِزْيَةِ: " فِي أَخْذِهَا مَعُونَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ وَرِزْقٌ حَلاَلٌ سَاقَهُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ (١) ".

وَجَاءَ فِي مُغْنِي الْمُحْتَاجِ: " بَل هِيَ نَوْعُ إِذْلاَلٍ لَهُمْ وَمَعُونَةٌ لَنَا (٢) ".

وَجِبَايَةُ الْمَال لَيْسَتْ هِيَ الْهَدَفُ الأَْسَاسِيُّ مِنْ تَشْرِيعِ الْجِزْيَةِ، وَإِنَّمَا الْهَدَفُ الأَْسَاسِيُّ هُوَ تَحْقِيقُ خُضُوعِ أَهْل الذِّمَّةِ إِلَى حُكْمِ الْمُسْلِمِينَ، وَالْعَيْشُ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ لِيَطَّلِعُوا عَلَى مَحَاسِنِ الإِْسْلاَمِ وَعَدْل الْمُسْلِمِينَ، فَتَكُونَ هَذِهِ الْمَحَاسِنُ بِمَثَابَةِ الأَْدِلَّةِ الْمُقْنِعَةِ لَهُمْ عَلَى الإِْقْلاَعِ عَنِ الْكُفْرِ وَالدُّخُول فِي الإِْسْلاَمِ، وَالَّذِي يُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّ الْجِزْيَةَ تَسْقُطُ عَمَّنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ دُخُولِهِ فِي


(١) ابن العربي: أحكام القرآن - مطبعة عيسى الحلبي بالقاهرة ٢ / ٩٢٥.
(٢) الشربيني الخطيب: مغني المحتاج ٤ / ٢٤٢.