للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وَنُقِل عَنِ الشَّافِعِيِّ: دَلَّتِ السُّنَّةُ عَلَى أَنَّ الْجَلْدَ ثَابِتٌ عَلَى الْبِكْرِ، سَاقِطٌ عَنِ الثَّيِّبِ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَال: إِذَا اجْتَمَعَ حَدَّانِ لِلَّهِ تَعَالَى فِيهِمَا الْقَتْل، أَحَاطَ الْقَتْل بِذَلِكَ (١) .

٧ - وَلِلشَّافِعِيَّةِ قَاعِدَةٌ فِقْهِيَّةٌ تَقُول: إِنَّ مَا أَوْجَبَ أَعْظَمَ الأَْمْرَيْنِ بِخُصُوصِهِ لاَ يُوجِبُ أَهْوَنَهُمَا بِعُمُومِهِ. فَزِنَا الْمُحْصَنِ أَوْجَبَ أَعْظَمَ الأَْمْرَيْنِ - وَهُوَ الرَّجْمُ - بِخُصُوصِ كَوْنِهِ " زِنَا مُحْصَنٍ " فَلاَ يُوجِبُ أَهْوَنَهُمَا - وَهُوَ الْجَلْدُ - بِعُمُومِ كَوْنِهِ زِنًا (٢) .

وَذَهَبَ أَحْمَدُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ عَنْهُ إِلَى أَنَّ الزَّانِيَ الْمُحْصَنَ يُجْلَدُ قَبْل الرَّجْمِ، ثُمَّ يُرْجَمُ، وَهُوَ قَوْل عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَبِهِ قَال: الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ.

وَوَجْهُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ: قَوْله تَعَالَى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} (٣) وَهَذَا عَامٌّ: يَشْمَل الْمُحْصَنَ وَغَيْرَ الْمُحْصَنِ، ثُمَّ جَاءَتِ السُّنَّةُ بِالرَّجْمِ فِي حَقِّ الثَّيِّبِ، وَالتَّغْرِيبِ فِي حَقِّ الْبِكْرِ، فَوَجَبَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ جَلَدْتُهَا


(١) سبل السلام ٤ / ٤ - ٦ والمغني ٨ / ١٦٠.
(٢) الأشباه والنظائر للسيوطي ص ١٤٩، دار الكتب العلمية بيروت.
(٣) سورة النور / ٢.