للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كُسِرَ أَوْ عَرِجَ أَوْ مَرِضَ. . . .

وَأَمَّا الْعَقْل: فَهُوَ قِيَاسُ الْمَرَضِ وَنَحْوِهِ عَلَى الْعَدُوِّ بِجَامِعِ الْحَبْسِ عَنْ أَرْكَانِ النُّسُكِ فِي كُلٍّ، وَهُوَ قِيَاسٌ جَلِيٌّ، حَتَّى جَعَلَهُ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ أَوْلَوِيًّا.

٧ - وَاسْتَدَل الْجُمْهُورُ بِالْكِتَابِ وَالآْثَارِ وَالْعَقْل:

أَمَّا الْكِتَابُ فَآيَةُ: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} قَال الشَّافِعِيُّ: " فَلَمْ أَسْمَعْ مُخَالِفًا مِمَّنْ حَفِظْتُ عَنْهُ مِمَّنْ لَقِيتُ مِنْ أَهْل الْعِلْمِ بِالتَّفْسِيرِ فِي أَنَّهَا نَزَلَتْ بِالْحُدَيْبِيَةِ. وَذَلِكَ إِحْصَارُ عَدُوٍّ، فَكَانَ فِي الْحَصْرِ إِذْنُ اللَّهِ تَعَالَى لِصَاحِبِهِ فِيهِ بِمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ. ثُمَّ بَيَّنَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الَّذِي يَحِل مِنْهُ الْمُحْرِمُ الإِْحْصَارُ بِالْعَدُوِّ، فَرَأَيْتُ أَنَّ الآْيَةَ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى بِإِتْمَامِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ لِلَّهِ عَامَّةٌ عَلَى كُل حَاجٍّ وَمُعْتَمِرٍ، إِلاَّ مَنِ اسْتَثْنَى اللَّهُ، ثُمَّ سَنَّ فِيهِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْحَصْرِ بِالْعَدُوِّ. وَكَانَ الْمَرِيضُ عِنْدِي مِمَّنْ عَلَيْهِ عُمُومُ الآْيَةِ ". يَعْنِي {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} .

وَأَمَّا الآْثَارُ: فَقَدْ ثَبَتَ مِنْ طُرُقٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (١) أَنَّهُ قَال: لاَ حَصْرَ إِلاَّ حَصْرُ الْعَدُوِّ، فَأَمَّا مَنْ أَصَابَهُ مَرَضٌ، أَوْ وَجَعٌ، أَوْ ضَلاَلٌ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ، إِنَّمَا قَال اللَّهُ تَعَالَى: {فَإِذَا أَمِنْتُمْ} وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَمْرٍو وَالزُّهْرِيِّ وَطَاوُسٍ وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ نَحْوُ ذَلِكَ.

وَرَوَى الشَّافِعِيُّ فِي الأُْمِّ (٢) عَنْ مَالِكٍ - وَهُوَ


(١) أخرجها ابن أبي حاتم في تفسيره، كما نقل عنه ابن كثير في تفسيره ١ / ٢٣١، وأخرج الشافعي في الأم ٢ / ١٦٣ قول ابن عباس: " لا حصر إلا حصر العدو ".
(٢) الأم ٢ / ١٦٤