للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَنْقُصَ شِبْرٌ بِنَزْحِ مِثْلِهِ مِنْ أَسْفَلِهِ. (١)

وَالأَْوْفَقُ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي نَصْرٍ أَنَّهُ يُؤْتَى بِرَجُلَيْنِ لَهُمَا بَصَرٌ فِي أَمْرِ الْمَاءِ فَيُنْزَحُ بِقَوْلِهِمَا؛ لأَِنَّ مَا يُعْرَفُ بِالاِجْتِهَادِ يُرْجَعُ فِيهِ لأَِهْل الْخِبْرَةِ. (٢)

٢٨ - وَالْمَالِكِيَّةُ كَمَا بَيَّنَّا يَرَوْنَ أَنَّ النَّزْحَ طَرِيقٌ مِنْ طُرُقِ التَّطْهِيرِ. وَلَمْ يُحَدِّدُوا قَدْرًا لِلنَّزْحِ، وَقَالُوا: إِنَّهُ يُتْرَكُ مِقْدَارُ النَّزْحِ لِظَنِّ النَّازِحِ. قَالُوا: وَيَنْبَغِي لِلتَّطْهِيرِ أَنْ تُرْفَعَ الدِّلاَءُ نَاقِصَةً؛ لأَِنَّ الْخَارِجَ مِنَ الْحَيَوَانِ عِنْدَ الْمَوْتِ مَوَادُّ دُهْنِيَّةٌ، وَشَأْنُ الدُّهْنِ أَنْ يَطْفُوَ عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ، فَإِذَا امْتَلأََ الدَّلْوُ خُشِيَ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الْبِئْرِ. (٣)

وَالْحَنَابِلَةُ قَالُوا: لاَ يَجِبُ غَسْل جَوَانِبِ بِئْرٍ نُزِحَتْ، ضَيِّقَةً كَانَتْ أَوْ وَاسِعَةً، وَلاَ غَسْل أَرْضِهَا، بِخِلاَفِ رَأْسِهَا. (٤) وَقِيل: يَجِبُ غَسْل ذَلِكَ. وَقِيل: إِنَّ الرِّوَايَتَيْنِ فِي الْبِئْرِ الْوَاسِعَةِ. أَمَّا الضَّيِّقَةُ فَيَجِبُ غَسْلُهَا رِوَايَةً وَاحِدَةً. (٥)

وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الشَّافِعِيَّةَ لاَ يَرَوْنَ التَّطْهِيرَ بِمُجَرَّدِ النَّزْحِ.

آلَةُ النَّزْحِ:

٢٩ - مَنْهَجُ الْحَنَفِيَّةِ - الْقَائِل بِمِقْدَارٍ مُعَيَّنٍ مِنَ الدِّلاَءِ لِلتَّطْهِيرِ فِي بَعْضِ الْحَالاَتِ - يَتَطَلَّبُ بَيَانَ حَجْمِ الدَّلْوِ الَّذِي يُنْزَحُ بِهِ الْمَاءُ النَّجِسُ. فَقَال الْبَعْضُ: الْمُعْتَبَرُ فِي كُل بِئْرٍ دَلْوُهَا، صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ دَلْوٌ يَسَعُ قَدْرَ صَاعٍ. وَقِيل: الْمُعْتَبَرُ هُوَ الْمُتَوَسِّطُ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ. (٦) وَلَوْ نُزِحَ بِدَلْوٍ عَظِيمٍ مَرَّةً


(١) تبيين الحقائق ١ / ٣٠
(٢) البدائع ١ / ٨٦
(٣) حاشية الرهوني ١ / ٥٥، وشرح الخرشي على متن خليل ١ / ٧٩
(٤) كشاف القناع ١ / ٣٣
(٥) الإنصاف ١ / ٦٥
(٦) البدائع ١ / ٨٦