للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ مَا عَدَا مُحَمَّدًا أَنَّهُ لاَ تُرَجَّحُ الدَّعْوَى بِالْجِذْعِ الْوَاحِدِ؛ لأَِنَّ الْحَائِطَ لاَ يُبْنَى لَهُ، وَيُرَجَّحُ بِالْجِذْعَيْنِ؛ لأَِنَّ الْحَائِطَ يُبْنَى بِهِمَا.

وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ تُرَجَّحُ بِهِ الدَّعْوَى؛ لأَِنَّهُ مُنْتَفِعٌ بِهِ بِوَضْعِ مَالِهِ عَلَيْهِ، فَأَشْبَهَ الْبَانِيَ عَلَيْهِ، وَالزَّارِعَ فِي الأَْرْضِ.

وَكَذَا لاَ تُرَجَّحُ الدَّعْوَى بِكَوْنِ الدَّوَاخِل إِلَى أَحَدِهِمَا، وَلاَ بِكَوْنِ الآْجُرِّ الصَّحِيحِ مِمَّا يَلِي مِلْكَ أَحَدِهِمَا، وَإِقْطَاعُ الآْجُرِّ إِلَى مِلْكِ الآْخَرِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ؛ لِعُمُومِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ (١) .

وَقَال أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: يُحْكَمُ بِهِ لِمَنْ إِلَيْهِ وَجْهُ الْحَائِطِ وَمَعَاقِدُ الْقُمُطِ؛ لِمَا رَوَى نِمْرَانُ بْنُ جَارِيَةَ التَّمِيمِيُّ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ قَوْمًا اخْتَصَمُوا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خُصٍّ فَبَعَثَ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ فَحَكَمَ بِهِ لِمَنْ تَلِيهِ مَعَاقِدُ الْقُمُطِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ، فَقَال: أَصَبْتَ


(١) حديث: " البينة على المدعي واليمين على من أنكر " أخرجه الدارقطني في سننه (٣ / ١١٠ - ط دار المحاسن) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، وضعفه ابن حجر في التلخيص (٤ / ٢٠٨ - ط شركة الطباعة الفنية) ولكن روى البخاري (الفتح ٨ / ٢١٣ - ط السلفية) ومسلم (٣ / ١٣٣٦ - ط الحلبي) من حديث ابن عباس مرفوعا: " اليمين على المدعى عليه " وأخرج البيهقي في سننه (١٠ / ٢٥٢ - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث ابن عباس كذلك قوله: " البينة على المدعي " وإسناده صحيح.