للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَمْ غَيْرَهُ؛ لأَِنَّهُ لاَ يُؤْمَنُ تَلَفُ الْوَلَدِ مِنْ سِرَايَةِ الضَّرْبِ وَالْقَطْعِ، وَرُبَّمَا سَرَى إِلَى نَفْسِ الْمَضْرُوبِ وَالْمَقْطُوعِ، فَيَفُوتُ الْوَلَدُ بِفَوَاتِهِ. (١)

فَإِذَا وَضَعَتِ الْوَلَدَ، فَإِنْ كَانَ الْحَدُّ رَجْمًا لاَ يُؤَخَّرُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ إِلاَّ إِذَا لَمْ يُوجَدْ مَنْ يُرْضِعُهُ أَوْ يَتَكَفَّل بِرَضَاعِهِ، وَقَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: لاَ تُحَدُّ حَتَّى تَسْقِيَهُ اللِّبَأَ، وَهُوَ اللَّبَنُ أَوَّل النِّتَاجِ لاِحْتِيَاجِ الْوَلَدِ إِلَيْهِ غَالِبًا. أَمَّا إِذَا لَمْ يُوجَدْ مَنْ يُرْضِعُهُ أَوْ يَتَكَفَّل بِرَضَاعِهِ تُرِكَتْ حَتَّى تَفْطِمَهُ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ. (٢)

وَإِنْ كَانَ الْحَدُّ جَلْدًا، فَإِذَا وَضَعَتِ الْوَلَدَ وَانْقَطَعَ النِّفَاسُ وَكَانَتْ قَوِيَّةً يُؤْمَنُ تَلَفُهَا أُقِيمَ عَلَيْهَا الْحَدُّ، وَإِنْ كَانَتْ فِي نِفَاسِهَا أَوْ ضَعِيفَةً يُخَافُ عَلَيْهَا التَّلَفُ لَمْ يُقَمْ عَلَيْهَا الْحَدُّ حَتَّى تَطْهُرَ وَتَقْوَى، فَيُسْتَوْفَى الْحَدُّ عَلَى وَجْهِ الْكَمَال مِنْ غَيْرِ خَوْفِ فَوَاتِهِ، وَهَذَا عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ: (الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ) ؛ لِمَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ: أَنَّ الْمَرْأَةَ انْطَلَقَتْ فَوَلَدَتْ غُلاَمًا، فَجَاءَتْ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال لَهَا: انْطَلِقِي فَتَطَهَّرِي مِنَ الدَّمِ (٣) .


(١) ابن عابدين ٣ / ١٣، ١٤٨، ومواهب الجليل مع التاج والإكليل ٦ / ٢٥٣، وجواهر الإكليل ٢ / ٢٦٣، وحاشية القليوبي ٤ / ١٢٤، ١٨٣، وروضة الطالبين ٩ / ٢٢٦، والمغني لابن قدامة ٨ / ١٧١، ١٧٢.
(٢) المراجع السابقة.
(٣) حديث: " أن المرأة انطلقت. . . " سبق تخريجه بهذا المعنى ف / ١٦.