للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: لاَ يَحِل إِلاَّ بِطَوَافِ الإِْفَاضَةِ إِذَا كَانَ قَدَّمَ السَّعْيَ قَبْل الْوُقُوفِ ثُمَّ حُصِرَ بَعْدَ ذَلِكَ. وَأَمَّا إِنْ كَانَ حُصِرَ قَبْل سَعْيِهِ فَلاَ يَحِل إِلاَّ بِالإِْفَاضَةِ وَالسَّعْيِ.

وَعَلَيْهِ هَدْيٌ وَاحِدٌ لِلرَّمْيِ وَمَبِيتُ لَيَالِي مِنًى وَنُزُول مُزْدَلِفَةَ إِذَا تَرَكَهَا لِلْحَصْرِ عَنْهَا، كَمَا لَوْ تَرَكَهَا بِنِسْيَانِهَا جَمِيعَهَا، فَإِنَّهُ يَكُونُ عَلَيْهِ هَدْيٌ وَاحِدٌ (١) . " وَكَأَنَّهُمْ لاَحَظُوا أَنَّ الْمُوجِبَ وَاحِدٌ، لاَ سِيَّمَا وَهُوَ مَعْذُورٌ (٢) ".

وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: إِنْ كَانَ الإِْحْصَارُ بَعْدَ الْوُقُوفِ، فَإِنْ تَحَلَّل فَذَاكَ، وَإِنْ لَمْ يَتَحَلَّل حَتَّى فَاتَهُ الرَّمْيُ وَالْمَبِيتُ بِمِنًى فَهُوَ فِيمَا يَرْجِعُ إِلَى وُجُوبِ الدَّمِ لِفَوَاتِهِمَا كَغَيْرِ الْمُحْصَرِ.

وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِنْ أُحْصِرَ عَنِ الْبَيْتِ بَعْدَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ فَلَهُ التَّحَلُّل؛ لأَِنَّ الْحَصْرَ يُفِيدُهُ التَّحَلُّل مِنْ جَمِيعِهِ فَأَفَادَ التَّحَلُّل مِنْ بَعْضِهِ.

وَإِنْ كَانَ مَا حُصِرَ عَنْهُ لَيْسَ مِنْ أَرْكَانِ الْحَجِّ كَالرَّمْيِ، وَطَوَافِ الْوَدَاعِ، وَالْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ، أَوْ بِمِنًى فِي لَيَالِيهَا فَلَيْسَ لَهُ تَحَلُّل الإِْحْصَارِ؛ لأَِنَّ صِحَّةَ الْحَجِّ لاَ تَقِفُ عَلَى ذَلِكَ، وَيَكُونُ عَلَيْهِ دَمٌ لِتَرْكِهِ ذَلِكَ، وَحَجُّهُ صَحِيحٌ، كَمَا لَوْ تَرَكَهُ مِنْ غَيْرِ حَصْرٍ.

زَوَال الإِْحْصَارِ:

٥٥ - اخْتَلَفَتِ الْمَذَاهِبُ فِي الآْثَارِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى زَوَال الإِْحْصَارِ، فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ تَأْتِي الأَْحْوَال الآْتِيَةُ. الْحَالَةُ الأُْولَى: أَنْ يَزُول الإِْحْصَارُ قَبْل بَعْثِ


(١) شرح الدردير ٢ / ٩٥، وانظر مواهب الجليل ٣ / ١٩٩ - ٢٠٠
(٢) مواهب الجيل ٢ / ١٩٩