للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاسْتِقْرَائِهَا؛ [وَإِلَّا] فَالْكُلِّيُّ مِنْ حَيْثُ هُوَ كُلِّيٌّ غَيْرُ مَعْلُومٍ لَنَا قَبْلَ الْعِلْمِ بِالْجُزْئِيَّاتِ، وَلِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَوْجُودٍ فِي الْخَارِجِ، وَإِنَّمَا هُوَ مُضَمَّنٌ فِي الْجُزْئِيَّاتِ حَسَبَمَا تَقَرَّرَ فِي الْمَعْقُولَاتِ؛ فَإِذًا الْوُقُوفُ مَعَ الْكُلِّيِّ مَعَ الْإِعْرَاضِ عَنِ الْجُزْئِيِّ وُقُوفٌ١ مَعَ شَيْءٍ لَمْ يَتَقَرَّرِ الْعِلْمُ بِهِ بَعْدُ دُونَ الْعِلْمِ بِالْجُزْئِيِّ، وَالْجُزْئِيُّ٢ هُوَ مَظْهَرُ الْعِلْمِ بِهِ.

وَأَيْضًا؛ فَإِنَّ الْجُزْئِيَّ لَمْ يُوضَعْ جُزْئِيًّا؛ إِلَّا لِكَوْنِ٣ الْكُلِّيِّ فِيهِ عَلَى التَّمَامِ وَبِهِ قِوَامُهُ، فَالْإِعْرَاضُ عَنِ الْجُزْئِيِّ مِنْ حَيْثُ هُوَ جُزْئِيٌّ إِعْرَاضٌ عَنِ الْكُلِّيِّ نَفْسِهِ فِي الْحَقِيقَةِ، وَذَلِكَ تَنَاقُضٌ٤، وَلِأَنَّ الْإِعْرَاضَ عَنِ الْجُزْئِيِّ جُمْلَةً يُؤَدِّي إِلَى الشَّكِّ فِي الْكُلِّيِّ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْإِعْرَاضَ عَنْهُ إِنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ مُخَالَفَتِهِ٥ لِلْكُلِّيِّ أَوْ تَوَهُّمِ الْمُخَالَفَةِ لَهُ، وَإِذَا خَالَفَ الْكُلِّيُّ الْجُزْئِيَّ مَعَ أَنَّا إِنَّمَا٦ نَأْخُذُهُ مِنَ الْجُزْئِيِّ؛ دَلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الْكُلِّيَّ لَمْ يَتَحَقَّقِ الْعِلْمُ بِهِ لِإِمْكَانِ أَنْ يَتَضَمَّنَ ذَلِكَ الْجُزْئِيُّ جُزْءًا مِنَ الْكُلِّيِّ٧ لَمْ يَأْخُذْهُ الْمُعْتَبِرُ جُزْءًا مِنْهُ، وَإِذَا أَمْكَنَ هَذَا؛ لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنَ الرُّجُوعِ إِلَى الْجُزْئِيِّ فِي مَعْرِفَةِ الْكُلِّيِّ، وَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْكُلِّيَّ لَا يُعْتَبَرُ بِإِطْلَاقِهِ دُونَ اعْتِبَارِ الْجُزْئِيِّ، وَهَذَا كُلُّهُ يُؤَكِّدُ لَكَ أَنَّ الْمَطْلُوبَ الْمُحَافَظَةُ عَلَى قصد الشارع؛


١ راجع إلى الوجه الأول من البيان. "د".
٢ راجع إلى الوجه الثاني منه، وكلاهما لا يخلو من نظر. "د".
٣ ظاهر بالنسبة للجزئي الإضافي. "د".
٤ أي: الإعراض عن الجزئي مع اعتبار الكلي تناقض؛ لأن الإعراض عن الجزئي إعراض عن الكلي بمقتضى تقريره؛ فيكون اعتبارا للكلي وإعراضا عنه معا، وهو تناقض. "د".
٥ بحيث لا يرد إليه بالطريق المؤدي إلى تعرف أنه جزئيه ويندرج فيه. "د".
٦ بما قدمناه لا يذهب عليك صحة عباراته المتبادر منها التناقض، حيث يقول تارة: "الجزئي مستمد من الكلي شأن الجزئيات مع أنواعها"، وتارة يقول: "الكلي مأخوذ من الجزئي"، وكل صحيح بالمعنى المتقدم في كل منها. "د".
٧ أي: من كليه الحقيقي، وقوله: "لم يأخذه المعتبر جزء منه"؛ أي: مما ادعى أنه كليه، يعني: فلا يكون هو كليه. "د".

<<  <  ج: ص:  >  >>