للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يأتِ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ"١ انْتَهَى الْمَقْصُودُ مِنْهُ.

وَوَجْهٌ رَابِعٌ يَدُلُّ عَلَى قِلَّةِ النَّسْخِ وَنُدُورِهِ؛ أَنَّ تَحْرِيمَ مَا هُوَ مُبَاحٌ بِحُكْمِ الْأَصْلِ لَيْسَ بِنَسْخٍ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ٢ كَالْخَمْرِ وَالرِّبَا؛ فَإِنَّ تَحْرِيمَهُمَا٣ بَعْدَ مَا كَانَا عَلَى حُكْمِ الْأَصْلِ لَا يُعَدُّ نَسْخًا لِحُكْمِ الْإِبَاحَةِ٤ الْأَصْلِيَّةِ، وَلِذَلِكَ قَالُوا فِي حَدِّ النَّسْخِ: إِنَّهُ رَفْعُ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ٥ بِدَلِيلٍ شَرْعِيٍّ مُتَأَخِّرٍ، وَمِثْلُهُ رَفْعُ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ بِدَلِيلٍ.

وَقَدْ كَانُوا فِي الصَّلَاةِ يُكَلِّمُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إِلَى أَنْ نَزَلَ٦: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِين} [البقرة: ٢٣٨] .


١ "الناسخ والمنسوخ" "ص٢٩٤".
٢ انظر له: "حاشية التفتازاني" "٢/ ١٨٥".
٣ في "ط": "كالخمر والزنا فإن تحريمها ... ".
٤ يدل على أن الخمر كان مباحا بحكم الأصل قبل نزول تحريمه بالمدينة، وهذا يحتاج إلى الجمع بينه وبين ما سبق له أن تحريمه داخل في الأصل المكي إجمالًا وهو حرمة الجناية على النفس والأعضاء. "د".
٥ أي: والمباح بحكم الأصل والعادة الجارية قبل الشرع لا يعتبر حكمًا شرعيًا. "د".
قلت: انظر في تعريفات النسخ: "الإحكام" "٧/ ١٨٠" للآمدي، و"الإحكام" "٤/ ٥٩" لابن حزم، و"البرهان" "٢/ ٥٦" للزركشي، وأثبت الدكتور مصطفى زيد في كتابه "النسخ في القرآن الكريم" "١/ ٦٠ وما بعدها" الأقوال التي ذكرت في حده، وناقشها مناقشة مطولة؛ فانظره فإنه مفيد.
٦ أخرج البخاري في "صحيحه" "كتاب التفسير، باب {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِين} ، ٨/ ١٩٨/ رقم ٤٥٣٤"، ومسلم في "صحيحه" "كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب تحريم الكلام في الصلاة ونسخ ما كان من إباحة، ٢/ ٣٨٣/ رقم ٥٣٩" عن زيد بن أرقم؛ قال: "كنا نتكلم في الصلاة، يكلم الرجل صاحبه وهو إلى جنبه في الصلاة؛ حتى نزلت: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِين} [البقرة: ٢٣٨] ؛ فأمرنا بالسكوت، ونهينا عن الكلام". لفظ مسلم.
قال ابن حبان في "صحيحه" "٦/ ٢٧-٢٨ - مع الإحسان": "هذا الخبر يوهم من لم يطلب العلم من مظانه أن نسخ الكلام في الصلاة كان بالمدينة"، قال: "وذاك أن زيد بن أرقم من =

<<  <  ج: ص:  >  >>