للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الِامْتِيَازُ مُعْتَبَرًا فِي الْحُكْمِ بِإِطْلَاقٍ، وَلَا هُوَ طَرْدِيٌّ بِإِطْلَاقٍ، بَلْ ذَلِكَ مُنْقَسِمٌ إِلَى الضَّرْبَيْنِ، وَبَيْنَهُمَا قِسْمٌ ثَالِثٌ يَأْخُذُ بِجِهَةٍ مِنَ الطَّرَفَيْنِ؛ فَلَا يَبْقَى صُورَةٌ مِنَ الصُّوَرِ الْوُجُودِيَّةِ الْمُعَيَّنَةِ إِلَّا وَلِلْعَالِمِ فِيهَا نَظَرٌ سَهْلٌ أَوْ صَعْبٌ، حَتَّى يُحَقِّقَ تَحْتَ أَيِّ دَلِيلٍ تَدْخُلُ، فَإِنْ أُخِذَتْ بِشُبَهٍ١ مِنَ الطَّرَفَيْنِ؛ فَالْأَمْرُ أَصْعَبُ، وَهَذَا كُلُّهُ بَيِّنٌ لِمَنْ شَدَا٢ فِي الْعِلْمِ، وَمِنَ الْقَوَاعِدِ٣ الْقَضَائِيَّةِ "الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ"٤؛ فَالْقَاضِي لَا يُمْكِنُهُ الْحُكْمُ فِي واقعة -بل لا يمكنه توجيه


١ في الأصل: "بشبهة".
٢ أي: أحسن منه طرفًا، والشدو: كل شيء قليل من كثير، والشادي: الذي يتعلم شيئًا من العلم والأدب والفتيا ونحو ذلك. "ف". ومن الخطأ "الشادِّين" بتشديد الدال.
٣ في "ماء": "الفوائد".
٤ ويروى على أنه حديث نبوي، أخرجه البيهقي في السنن الكبرى" "١٠/ ٢٥٢" من طريق أبي القاسم الطبراني عن الفريابي ثنا سفيان عن نافع عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس بلفظ: "لو يعطى الناس بدعواهم لادعي رجال أموال قوم ودماءهم، ولكن البينة به"، وقال: "قال أبو القاسم: لم يروه عن سفيان إلا الفريابي".
قلت: وأخرجه البخاري في "الصحيح" كتاب الرهن، باب إذا اختلف الراهن والمرتهن ونحوه فالبينة ... ، رقم ٢٥١٤، وكتاب الشهادات، باب اليمين على المدعى عليه في الأموال والحدود، رقم ٢٦٦٨، وكتاب التفسير، باب: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ} ، رقم ٤٥٥٢"، ومسلم في "الصحيح" "كتاب الأقضية، باب اليمين على المدعى عليه، رقم ١٧١١" بلفظ: "واليمين على المدعى عليه" دون "البينة على المدعي"، وذكرها من أخطاء سفيان أو الفريابي؛ فإن الجماهير رووه عن نافع دونها، انظر: "إرواء الغليل" "٨/ ٢٦٤-٢٦٥/ رقم ٢٦٤١"، ولذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "مجموع الفتاوى" "٣٥/ ٣٩١" في هذا الحديث بهذا اللفظ: "ليس إسناده في الصحة والشهرة مثل غيره، ولا رواه عامة أهل السنن المشهورة، ولا قال بعمومه أحد من علماء الملة".
وبسط ذلك تلميذه ابن القيم في "الطرق الحكمية" "ص٨٧-٨٨"، "١١٠-١١١" ط العسكري" بكلام ماتع نافع؛ فقف عليه غير مأمور.

<<  <  ج: ص:  >  >>