للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرِّزْقِ، بَلِ الرِّزْقُ الْمُتَسَبَّبُ إِلَيْهِ.

وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ نَفْسَ التَّسَبُّبِ؛ لَمَا كَانَ الْمُكَلَّفُ مَطْلُوبًا بِتَكَسُّبٍ فِيهِ عَلَى حَالٍ، وَلَوْ بِجَعْلِ اللُّقْمَةِ فِي الْفَمِ وَمَضْغِهَا، أَوِ ازْدِرَاعِ١ الْحَبِّ، أَوِ الْتِقَاطِ النَّبَاتِ أَوِ الثَّمَرَةِ الْمَأْكُولَةِ، لَكِنَّ ذَلِكَ بَاطِلٌ بِاتِّفَاقٍ؛ فَثَبَتَ أَنَّ الْمُرَادَ إِنَّمَا هُوَ عَيْنُ الْمُسَبَّبِ إِلَيْهِ. وَفِي الْحَدِيثِ: "لَوْ تَوَكَّلْتُمْ على الله حق توكله؛ لرزقكم كما يرزق الطير" ٢ الحديث.


١ ازدرع القوم: اتخذوا زرعا لأنفسهم خصوصا، أو احترثوا؛ كما في "لسان العرب" "ز ر ع".
٢ أخرجه ابن المبارك في "الزهد" "رقم ٥٥٩" -ومن طريقه الترمذي في "الجامع" "أبواب الزهد، باب في التوكل على الله، ٤/ ٥٧٣/ رقم ٢٣٤٤", والنسائي في "الكبرى"؛ كما في "تحفة الأشراف" "٨/ ٧٩", والطيالسي في "المسند" "ص٥٠"، وابن أبي الدنيا في "التوكل" "رقم ١"، وأبو نعيم في "الحلية" "١٠/ ٦٩"، والبغوي في شرح السنة" "١٤/ ٣٠١/ رقم ٤١٠٨"، والقضاعي في "الشهاب" "رقم ١٤٤٤" عن حيوة بن شريح عن بكر بن عمرو عن عبد الله بن هبيرة عن عمر بن الخطاب مرفوعا.
وتابع حيوة عبد الله بن يزيد المقرئ؛ كما عند أبي يعلى في "المسند" "١/ ٢١٢/ رقم ٢٤٧", وعنه ابن حبان في "الصحيح" "٢/ ٥٠٩/ رقم ٧٣٠- الإحسان"، وأحمد في "المسند" "١/ ٣٠", و"الزهد" "ص١٨"، والفسوي في "المعرفة والتاريخ" "٢/ ٤٨٨"، والحاكم في "المستدرك" "٤/ ٣١٨"، وأبو نعيم في "الحلية" "١٠/ ٦٩".
وإسناده جيد، رجاله رجال الصحيح؛ سوى بكر بن عمرو، روى له البخاري حديثا واحدا متابعة، واحتج به الباقون سوى ابن ماجه، وقال الدارقطني: "يعتبر به"، وقال أبو حاتم: "شيخ"، وقال أحمد: "يروى له"، وذكره ابن حبان في "الثقات" "٦/ ١٠٣"، وقال الذهبي في "الميزان" "١/ ٣٤٧": "كان ذا فضل وتعبد, محله الصدق".
ومع هذا؛ فقد تابعه ابن لهيعة، ورواه عنه عبد الله بن وهب، وهو ممن روى عنه قديما قبل احتراق كتبه، أخرجه أحمد في "المسند" "١/ ٥٢"، وابن ماجه في "السنن" "كتاب الزهد, باب التوكل واليقين/ رقم ٤١٦٤"؛ فإسناده صحيح.
قال "د": "بقيته: " تغدو خماصا وتروح بطانا"؛ فهي تغدو وتروح في طلب الرزق والتسبب إليه، والله تعالى يخلق لها الرزق، فلم يقل: تترك كل سبب؛ فيحصل لها الرزق".

<<  <  ج: ص:  >  >>