للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِسَانٍ غَيْرِ عَرَبِيٍّ، إِلَّا مَعَ فَرْضِ اسْتِوَاءِ اللِّسَانَيْنِ فِي اعْتِبَارِهِ عَيْنًا، كَمَا إِذَا اسْتَوَى اللِّسَانَانِ فِي اسْتِعْمَالِ مَا تَقَدَّمَ تَمْثِيلِهِ وَنَحْوِهِ، فَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي اللِّسَانِ الْمَنْقُولِ إِلَيْهِ مَعَ لِسَانِ الْعَرَبِ، أَمْكَنَ أَنْ يُتَرْجَمَ أَحَدُهُمَا إلى آخر، وَإِثْبَاتُ مِثْلِ هَذَا بِوَجْهٍ بَيِّنٌ عسيرٌ جِدًّا، وَرُبَّمَا أَشَارَ إِلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ أَهْلُ الْمَنْطِقِ مِنَ الْقُدَمَاءِ وَمَنْ حَذَا حَذْوَهُمْ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَلَكِنَّهُ غَيْرُ كافٍ وَلَا مغنٍ فِي هَذَا الْمَقَامِ.

وَقَدْ نَفَى ابْنُ قُتَيْبَةَ١ إِمْكَانَ التَّرْجَمَةِ فِي الْقُرْآنِ -يَعْنِي: عَلَى هَذَا الْوَجْهِ الثَّانِي- فَأَمَّا عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ، فَهُوَ مُمْكِنٌ، وَمِنْ جِهَتِهِ صَحَّ تَفْسِيرُ الْقُرْآنِ وَبَيَانُ مَعْنَاهُ لِلْعَامَّةِ وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فَهْمٌ يَقْوَى عَلَى تَحْصِيلِ مَعَانِيهِ، وَكَانَ ذَلِكَ جَائِزًا بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ، فَصَارَ هَذَا الِاتِّفَاقُ حُجَّةً فِي صِحَّةِ التَّرْجَمَةِ عَلَى الْمَعْنَى الْأَصْلِيِّ٢.

فَصْلٌ:

وَإِذَا اعْتَبُرِتِ الْجِهَةُ الثَّانِيَةُ مَعَ الْأُولَى وُجِدَتْ كَوَصْفٍ مِنْ أَوْصَافِهَا، لِأَنَّهَا كَالتَّكْمِلَةِ لِلْعِبَارَةِ وَالْمَعْنَى مِنْ حَيْثُ الْوَضْعِ لِلْإِفْهَامِ، وَهَلْ تُعَدُّ مَعَهَا كَوَصْفٍ مِنَ


١ في كتابه: "تأويل مشكل القرآن" "ص ٢١" طبعة الشيخ أحمد صقر رحمه الله، وتبعه على هذا ابن فارس في كتابه "الصاحبي" "ص ١٦- ٢٥"، وبحث فيه موضوع الترجمة بحث خبير، ورد فيه على الرواية المرجوحة لأبي حنيفة رد بصير، وإلى ابن فارس هذا كانت تضرب آباط الإبل، وعند جهينة الخبر اليقين، وانظر: "الكتاب والسنة" لمحمد البنا "ص ٤٥ وما بعدها".
٢ انظر: "مجموع فتاوى ابن تيمية" "٦/ ٥٤٢".

<<  <  ج: ص:  >  >>