للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَعَانِي الْقُرْآنِ كَالزَّجَّاجِ وَمَنْ قَبْلَهُ وَغَيْرِهِمْ وَفِي بَعْضِ كَلَامِ الْوَاحِدِيِّ أَكْبَرُ أَهْلِ الْمَعَانِي الْفَرَّاءُ والزجاج وابن الأنباري قالوا كذا كذا ومعاني الْقُرْآنِ لِلزَّجَّاجِ لَمْ يُصَنَّفْ مِثْلُهُ وَحَيْثُ أَطْلَقَ الْمُتَأَخِّرُونَ أَهْلَ الْمَعَانِي فَمُرَادُهُمْ بِهِمْ مُصَنِّفُو الْعِلْمِ الْمَشْهُورِ

وَأَمَّا التَّفْسِيرُ فِي اللُّغَةِ: فَهُوَ رَاجِعٌ إِلَى مَعْنَى الْإِظْهَارِ وَالْكَشْفِ وَأَصْلُهُ فِي اللُّغَةِ مِنَ التَّفْسِرَةِ وَهِيَ الْقَلِيلُ مِنَ الْمَاءِ الَّذِي يَنْظُرُ فِيهِ الْأَطِبَّاءُ فَكَمَا أَنَّ الطَّبِيبَ بِالنَّظَرِ فِيهِ يَكْشِفُ عَنْ عِلَّةِ الْمَرِيضِ فَكَذَلِكَ الْمُفَسِّرُ يَكْشِفُ عَنْ شَأْنِ الْآيَةِ وَقَصَصِهَا وَمَعْنَاهَا وَالسَّبَبِ الَّذِي أُنْزِلَتْ فِيهِ وَكَأَنَّهُ تَسْمِيَةٌ بِالْمَصْدَرِ لِأَنَّ مَصْدَرَ فَعَّلَ جَاءَ أَيْضًا عَلَى تَفْعِلَةٍ نَحْوُ جَرَّبَ تَجْرِبَةً وَكَرَّمَ تَكْرِمَةً

وَقَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيُّ: قَوْلُ الْعَرَبِ فَسَرْتُ الدَّابَّةَ وَفَسَّرْتُهَا إِذَا رَكَضْتَهَا مَحْصُورَةً لِيَنْطَلِقَ حَصَرُهَا وَهُوَ يُؤَوَّلُ إِلَى الْكَشْفِ أَيْضًا

فَالتَّفْسِيرُ كَشْفُ الْمُغْلَقِ مِنَ الْمُرَادِ بِلَفْظِهِ وَإِطْلَاقٌ لِلْمُحْتَبِسِ عَنِ الْفَهْمِ بِهِ وَيُقَالُ: فَسَّرْتُ الشَّيْءَ أُفَسِّرُهُ تَفْسِيرًا وَفَسَرْتُهُ أَفْسِرُهُ فَسْرًا وَالْمَزِيدُ مِنَ الْفِعْلَيْنِ أَكْثَرُ فِي الِاسْتِعْمَالِ وَبِمَصْدَرِ الثَّانِي منها سمى أبو الفتح ابن جِنِّي كُتُبَهُ الشَّارِحَةَ الْفَسْرَ

وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ مَقْلُوبٌ مِنْ سَفَرَ وَمَعْنَاهُ أَيْضًا الْكَشْفُ يُقَالُ: سَفَرَتِ الْمَرْأَةُ سُفُورًا إِذَا أَلْقَتْ خِمَارَهَا عَنْ وَجْهِهَا وَهِيَ سَافِرَةٌ وَأَسْفَرَ الصُّبْحُ أَضَاءَ وَسَافَرَ فُلَانٌ وَإِنَّمَا بَنَوْهُ عَلَى التَّفْعِيلِ لِأَنَّهُ لِلتَّكْثِيرِ كقوله تعالى: {يذبحون أبناءكم} {وغلقت الأبواب} فَكَأَنَّهُ يُتْبِعُ سُورَةً بَعْدَ سُورَةٍ وَآيَةً بَعْدَ أخرى

<<  <  ج: ص:  >  >>