للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المسألة الموفية عشرون: التخصيص بالفعل]

...

الْمَسْأَلَةُ الْمُوفِيَةُ عِشْرِينَ: التَّخْصِيصُ بِالْعَقْلِ

فَقَدْ فَرَغْنَا بِمَعُونَةِ اللَّهِ مِنْ ذِكْرِ الْمُخَصِّصَاتِ الْمُتَّصِلَةِ، وَهَذَا شُرُوعٌ فِي الْمُخَصِّصَاتِ الْمُنْفَصِلَةِ.

وَقَدْ حَصَرُوهَا فِي ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: الْعَقْلِ، وَالْحِسِّ، وَالدَّلِيلِ السَّمْعِيِّ.

قَالَ الْقَرَافِيُّ: وَالْحَصْرُ غَيْرُ ثَابِتٍ، فَقَدْ يَقَعُ التَّخْصِيصُ بِالْعَوَائِدِ كَقَوْلِكِ: رَأَيْتُ النَّاسَ، فَمَا رَأَيْتُ أَفْضَلَ مِنْ زَيْدٍ، فَإِنَّ الْعَادَةَ تَقْضِي أَنَّكَ لَمْ تَرَ كُلَّ النَّاسِ، وَكَذَا التَّخْصِيصُ بِقَرَائِنِ الْأَحْوَالِ، كَقَوْلِكَ لِغُلَامِكَ: ائْتِنِي بِمَنْ يَخْدِمُنِي، فَإِنَّ الْمُرَادَ الْإِتْيَانُ بِمَنْ يَصْلُحُ لِذَلِكَ، وَلَعَلَّ الْقَائِلَ بِانْحِصَارِ الْمُخَصِّصَاتِ الْمُنْفَصِلَةِ فِي الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ يَجْعَلُ التَّخْصِيصُ بِالْقِيَاسِ مُنْدَرِجًا تَحْتَ الدَّلِيلِ السَّمْعِيِّ.

وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي جَوَازِ التَّخْصِيصِ بِالْعَقْلِ:

فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى التَّخْصِيصِ بِهِ.

وَذَهَبَ شُذُوذٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى عَدَمِ جَوَازِ التَّخْصِيصِ بِهِ.

قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الْإِسْفَرَايِينِيُّ: وَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي جَوَازِ التَّخْصِيصِ بِالْعَقْلِ، وَلَعَلَّهُ لَمْ يُعْتَبَرْ بِخِلَافِ مَنْ "شَذَّ"*.

قَالَ الْفَخْرُ الرَّازِيُّ فِي "الْمَحْصُولِ": إِنَّ التَّخْصِيصَ بِالْعَقْلِ قَدْ يَكُونُ بضرورته كقوله تعالى:


* في "أ": شك وهو تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>