للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ: فِي نَسْخِ الْمَفْهُومِ

وَقَدْ تقدم تقسميه إِلَى مَفْهُومِ مُخَالَفَةٍ، وَمَفْهُومِ مُوَافَقَةٍ.

أَمَّا مَفْهُومُ الْمُخَالَفَةِ: فَيَجُوزُ "نَسْخُهُ"* مَعَ نَسْخِ أَصْلِهِ، وَذَلِكَ ظَاهِرٌ، وَيَجُوزُ نَسْخُهُ بِدُونِ نَسْخِ أَصْلِهِ، وَذَلِكَ كقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ" ١ فَإِنَّهُ نُسِخُ مَفْهُومُهُ، بِمَا ثَبَتَ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا قَعَدَ بَيْنَ شُعَبِهَا الْأَرْبَعِ وَجَهَدَهَا فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ" ٢ وَفِي لَفْظٍ: "إِذَا لَاقَى الْخِتَانُ الْخِتَانَ" ٣ فَهَذَا نَسَخَ مَفْهُومَ "الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ" وَبَقِيَ مَنْطُوقُهُ مُحْكَمًا، غَيْرَ مَنْسُوخٍ؛ لِأَنَّ الْغُسْلَ وَاجِبٌ مِنَ الْإِنْزَالِ بِلَا خِلَافٍ.

وَأَمَّا نَسْخُ الْأَصْلِ دُونَ الْمَفْهُومِ، فَفِي جَوَازِهِ احْتِمَالَانِ، ذَكَرَهُمَا الصَّفِّيُّ الْهِنْدِيُّ، قَالَ: وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يجوز.

وقال سَلِيمٌ الرَّازِيُّ فِي "التَّقْرِيبِ": مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ: يَجُوزُ أَنْ يَسْقُطَ اللَّفْظُ وَيَبْقَى دَلِيلُ الْخِطَابِ.

وَالْمَذْهَبُ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الدَّلِيلَ إِنَّمَا هُوَ تَابِعٌ لِلَّفْظِ يَسْتَحِيلُ أَنْ يسقط الأصل ويكون الفرع باقيا٤.


* في "أ": ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>