للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ: فِي الزِّيَادَةِ عَلَى النَّصِّ

هَلْ تَكُونُ نَسْخًا لِحُكْمِ النَّصِّ أَمْ لَا؟ وذلك يختلف باختلاف الصور، فالزائد إما أن يَكُونَ مُسْتَقِلًّا بِنَفْسِهِ أَوْ لَا.

الْأَوَّلُ:

الْمُسْتَقِلُّ: "وَهُوَ"* إِمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْأَوَّلِ، كَزِيَادَةِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ عَلَى الصَّلَاةِ، فَلَيْسَ بِنَاسِخٍ، لِمَا "تَقَدَّمَهُ"** مِنَ الْعِبَادَاتِ بِلَا خِلَافٍ.

قَالَ فِي "الْمَحْصُولِ": اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ زِيَادَةَ عِبَادَةٍ عَلَى الْعِبَادَاتِ لَا تَكُونُ نَسْخًا لِلْعِبَادَاتِ. انْتَهَى. وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يُخَالِفُ فِي مِثْلِ هَذَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ؛ لِعَدَمِ التنافي.

وإما أن تكون مِنْ جِنْسِهِ، كَزِيَادَةِ صَلَاةٍ عَلَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، فَهَذَا لَيْسَ بِنَسْخٍ عَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ.

وَذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِرَاقِ إِلَى أَنَّهَا تَكُونُ نَسْخًا لِحُكْمِ الْمَزِيدِ عَلَيْهِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى} ١؛ لأنها تجعلها غير الوسطي، و"هذا"*** قَوْلٌ بَاطِلٌ، لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ، وَلَا شُبْهَةَ دَلِيلٍ، فَإِنَّ الْوُسْطَى لَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا الْمُتَوَسِّطَةَ في العدد، بل المراد بِهَا الْفَاضِلَةُ.

وَلَوْ سَلَّمْنَا أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الْمُتَوَسِّطَةُ فِي الْعَدَدِ، لَمْ تَكُنْ تِلْكَ الزِّيَادَةُ مُخْرِجَةً لَهَا عَنْ كَوْنِهَا مِمَّا يُحَافَظُ عَلَيْهِ، فَقَدْ عُلِمَ تَوَسُّطُهَا عِنْدَ نُزُولِ الْآيَةِ، وَصَارَتْ مُسْتَحِقَّةً لِذَلِكَ الْوَصْفِ، وَإِنْ خَرَجَتْ عَنْ كَوْنِهَا وسطى.


* ما بين قوسين ساقط من "أ".
** في "أ": تقدم.
*** في "أ": وهو.

<<  <  ج: ص:  >  >>