للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ وَلِيُّ الصَّبِيِّ أَبُوهُ ثُمَّ جَدُّهُ ثُمَّ وَصِيُّهُمَا ثُمَّ الْقَاضِي،

ــ

[مغني المحتاج]

[فَصْلٌ فِيمَنْ يَلِي الصَّبِيَّ مَعَ بَيَانِ كَيْفِيَّةِ تَصَرُّفِهِ فِي مَالِهِ]

ِ (وَلِيُّ الصَّبِيِّ أَبُوهُ) بِالْإِجْمَاعِ، وَلَوْ عَبَّرَ بِالصَّغِيرِ لَكَانَ أَوْلَى. وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ: إنَّ الصَّبِيَّ يَشْمَلُ الصَّبِيَّةَ، كَمَا قَالَ: إنَّ الْعَبْدَ يَشْمَلُ الْأَمَةَ (ثُمَّ جَدُّهُ) أَبُو الْأَبِ وَإِنْ عَلَا كَوِلَايَةِ النِّكَاحِ، وَتَكْفِي عَدَالَتُهُمَا الظَّاهِرَةُ لِوُفُورِ شَفَقَتِهِمَا فَإِنْ فَسَقَا نَزَعَ الْقَاضِي الْمَالَ مِنْهُمَا، كَمَا ذَكَرَهُ فِي بَابِ الْوَصِيَّةِ، وَهَلْ يَنْعَزِلَانِ بِالْفِسْقِ؟ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَالْإِمَامُ فِي بَابِ الْعَارِيَّةِ، وَيَنْبَغِي الِانْعِزَالُ، وَعَلَيْهِ لَوْ فَسَقَ بَعْدَ الْبَيْعِ وَقَبْلَ اللُّزُومِ فَفِي بُطْلَانِهِ وَجْهَانِ. قَالَ السُّبْكِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ لِمَنْ بَعْدَهُ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ، وَلَا يُعْتَبَرُ إسْلَامُهُمَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ مُسْلِمًا، فَإِنَّ الْكَافِرَ يَلِي وَلَدَهُ الْكَافِرَ. لَكِنْ لَوْ تَرَافَعُوا إلَيْنَا لَمْ نُقِرَّهُمْ وَنَلِي نَحْنُ أَمْرَهُمْ بِخِلَافِ وِلَايَةِ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِوِلَايَةِ الْمَالِ الْأَمَانَةُ، وَهِيَ فِي الْمُسْلِمِينَ أَقْوَى، وَالْمَقْصُودَ بِوِلَايَةِ النِّكَاحِ الْمُوَالَاةُ، وَهِيَ فِي الْكَافِرِ أَقْوَى، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (ثُمَّ وَصِيُّهُمَا) أَيْ وَصِيُّ مَنْ تَأَخَّرَ مَوْتُهُ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ يَقُومُ مَقَامَهُ وَشَرْطُهُ الْعَدَالَةُ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْوَصِيَّةِ (ثُمَّ الْقَاضِي) أَوْ أَمِينُهُ لِخَبَرِ «السُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَلَوْ كَانَ الْيَتِيمُ بِبَلَدٍ وَمَالُهُ فِي آخَرَ فَالْوَلِيُّ قَاضِي بَلَدِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ عَلَيْهِ تَرْتَبِطُ بِمَالِهِ كَمَالِ الْغَائِبِينَ، لَكِنَّ مَحَلَّهُ فِي تَصَرُّفِهِ فِيهِ بِالْحِفْظِ وَالتَّعَهُّدِ بِمَا يَقْتَضِيه الْحَالُ مَعَ الْغِبْطَةِ اللَّائِقَةِ إذَا أَشْرَفَ عَلَى التَّلَفِ أَمَّا تَصَرُّفُهُ فِيهِ بِالتِّجَارَةِ وَالِاسْتِنْمَاءِ فَالْوِلَايَةُ عَلَيْهِ لِقَاضِي بَلَدِ الْيَتِيمِ؛ لِأَنَّهُ وَلِيُّهُ فِي النِّكَاحِ فَكَذَا فِي الْمَالِ كَمَا نَقَلَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَنْ الْغَزَالِيِّ وَأَقَرَّهُ. قَالَ شَيْخُنَا: وَوَقَعَ لِلْإِسْنَوِيِّ عَزْوُ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ إلَى الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فَاحْذَرْهُ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَعَلَى مَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فَلِقَاضِي بَلَدِهِ الْعَدْلِ الْأَمِينِ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ قَاضِي بَلَدِ مَالِهِ إحْضَارَهُ إلَيْهِ عِنْدَ أَمْنِ الطَّرِيقِ لِظُهُورِ الْمَصْلَحَةِ لَهُ فِيهِ، وَلْيَتَّجِرْ لَهُ فِيهِ ثَمَّ، أَوْ يَشْتَرِيَ لَهُ بِهِ عَقَارًا، وَيَجِبُ عَلَى قَاضِي بَلَدِ الْمَالِ إسْعَافُهُ بِذَلِكَ، وَحُكْمُ الْمَجْنُونِ حُكْمُ الصَّبِيِّ فِي تَرْتِيبِ الْأَوْلِيَاءِ، وَكَذَا مَنْ بَلَغَ سَفِيهًا.

تَنْبِيهٌ: قَضِيَّةُ تَعْبِيرِهِ بِالصَّبِيِّ أَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لِلْمَذْكُورِينَ عَلَى مَالِ الْأَجِنَّةِ وَصَرَّحَا بِهِ فِي الْفَرَائِضِ فِي الْكَلَامِ عَلَى مِيرَاثِ الْحَمْلِ لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْحَاكِمِ فَقَطْ، وَمِثْلُهُ الْبَقِيَّةُ. قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>