للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَحْمُولُ زُجَاجًا وَنَحْوَهُ.

فَصْلٌ لَا تَصِحُّ إجَارَةُ مُسْلِمٍ لِجِهَادٍ وَلَا عِبَادَةٍ تَجِبُ لَهَا نِيَّةٌ إلَّا حَجٌّ وَتَفْرِقَةُ زَكَاةٍ، وَتَصِحُّ لِتَجْهِيزِ مَيِّتٍ وَدَفْنِهِ، وَتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ.

ــ

[مغني المحتاج]

بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِيهَا فِي الرُّكُوبِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا تَحْصِيلُ الْمَتَاعِ فِي الْمَوْضِعِ الْمَشْرُوطِ فَلَا يَخْتَلِفُ الْغَرَضُ بِاخْتِلَافِ حَامِلِهِ (إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَحْمُولُ زُجَاجًا) بِتَثْلِيثِ الزَّايِ (وَنَحْوِهِ) كَخَزَفٍ، فَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ حَالِ الدَّابَّةِ فِي ذَلِكَ صِيَانَةً لَهُ، وَفِي مَعْنَى ذَلِكَ كَمَا قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ أَنْ يَكُونَ فِي الطَّرِيقِ وَحْلٌ أَوْ طِينٌ. أَمَّا إجَارَةُ عَيْنِ دَابَّةٍ لِحَمْلٍ فَيُشْتَرَطُ رُؤْيَتُهَا وَتَعْيِينُهَا كَمَا فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ لِلرُّكُوبِ.

[فَصْلٌ فِي الِاسْتِئْجَارِ لِلْقُرَبِ]

ِ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى الشَّرْطِ الرَّابِعِ، وَهُوَ حُصُولُ الْمَنْفَعَةِ لِلْمُسْتَأْجِرِ. وَالْقُرَبُ عَلَى قِسْمَيْنِ: مَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ، وَمَا لَا يَحْتَاجُ، وَالْقِسْمُ الثَّانِي إنْ كَانَ فَرْضَ كِفَايَةٍ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ شَائِعًا فِي الْأَصْلِ أَوْ لَا، وَقَدْ شَرَعَ فِيمَا هُوَ شَائِعٌ فِي الْأَصْلِ، فَقَالَ: (لَا تَصِحُّ) مِنْ إمَامٍ وَغَيْرِهِ (إجَارَةُ مُسْلِمٍ) وَلَوْ عَبْدًا (لِجِهَادٍ) ؛ لِأَنَّهُ يَقَعُ عَنْهُ؛ وَلِأَنَّهُ إذَا حَضَرَ الصَّفَّ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ، وَاحْتُرِزَ بِالْمُسْلِمِ عَنْ الذِّمِّيِّ، وَهُوَ صَحِيحٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْإِمَامِ، أَمَّا الْآحَادُ فَيُمْتَنَعُ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ السِّيَرِ. ثُمَّ شَرَعَ فِيمَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ، فَقَالَ: (وَلَا عِبَادَةٍ) أَيْ لَا تَصِحُّ إجَارَتُهُ لِعِبَادَةٍ (تَجِبُ لَهَا نِيَّةٌ) كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ، إذْ الْقَصْدُ مِنْهَا امْتِحَانُ الْمُكَلَّفِ بِكَسْرِ نَفْسِهِ بِفِعْلِهَا، وَلَا يَقُومُ الْأَجِيرُ مَقَامَهُ فِي ذَلِكَ، وَهَلْ يَسْتَحِقُّ الْأَجِيرُ أُجْرَةَ مَا عَمِلَ؟ لَمْ يُصَرِّحُوا بِهِ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِهِمْ فِي النَّفَقَاتِ أَنَّ كُلَّ مَا لَا يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ لَا يَسْتَحِقُّ فَاعِلُهُ أُجْرَةً لِلْعَمَلِ وَإِنْ عَمِلَ طَامِعًا فِي الْأُجْرَةِ عُدِمَ الِاسْتِحْقَاقُ، (إلَّا) الِاسْتِئْجَارَ لِقُرْبَةٍ مِنْ (حَجٍّ) أَوْ عُمْرَةٍ، وَرَكْعَتَيْ طَوَافٍ تَبَعًا لَهُمَا عَنْ مَيِّتٍ أَوْ عَاجِزٍ كَمَا مَرَّ فِي كِتَابِهِ، (وَتَفْرِقَةِ زَكَاةٍ) وَصَوْمٍ عَنْ مَيِّتٍ وَذَبْحِ هَدْيٍ وَأُضْحِيَّةٍ وَنَحْوِهَا فَيَجُوزُ. وَضَابِطُ هَذَا: أَنَّ كُلَّ مَا تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ مِنْ الْعِبَادَةِ يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ، وَمَا لَا فَلَا. ثُمَّ شَرَعَ فِيمَا هُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ غَيْرُ شَائِعٍ فِي الْأَصْلِ، فَقَالَ: (وَتَصِحُّ) الْإِجَارَةُ (لِتَجْهِيزِ مَيِّتٍ) كَغُسْلِهِ وَتَكْفِينِهِ (وَدَفْنِهِ وَتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ) أَوْ بَعْضِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَلَيْسَ بِشَائِعٍ فِي الْأَصْلِ، وَإِنْ تَعَيَّنَ عَلَى الْأَجِيرِ فِي الْأَصَحِّ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ بِفِعْلِهِ حَتَّى يَقَعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>