للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقِيلَ الْمُحْدِثُ كَجُنُبٍ، قُلْتُ: هَذَا الثَّالِثُ أَصَحُّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

فَصْلٌ يَتَيَمَّمُ بِكُلِّ تُرَابٍ

ــ

[مغني المحتاج]

هَذَا الْوَجْهَ فَقَالَ: اتَّفَقَتْ الطُّرُقُ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ اسْتِئْنَافِ الْغُسْلِ.

وَقَالَ الرَّافِعِيُّ: فِيهِ خِلَافٌ كَالْوُضُوءِ، وَهَذَا ضَعِيفٌ مَتْرُوكٌ (وَقِيلَ الْمُحْدِثُ كَجُنُبٍ) فَلَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ غَسْلِ مَا بَعْدَ عَلِيلِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لَوْ بَطَلَتْ طَهَارَةُ الْعَلِيلِ، وَطَهَارَةُ الْعَلِيلِ بَاقِيَةٌ إذْ يَتَنَفَّلُ بِهَا، وَإِنَّمَا يُعِيدُ التَّيَمُّمَ لِضَعْفِهِ عَنْ أَدَاءِ فَرْضٍ ثَانٍ بِخِلَافِ مَنْ نَسِيَ لَمْعَةً، فَإِنَّ طَهَارَةَ ذَلِكَ الْعُضْوِ لَمْ تَحْصُلْ (قُلْتُ: هَذَا الثَّالِثُ أَصَحُّ) لِمَا قُلْنَاهُ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) فَيُعِيدُ كُلٌّ مِنْهُمَا التَّيَمُّمَ فَقَطْ. وَهَلْ إذَا كَانَ التَّيَمُّمُ الْأَوَّلُ مُتَعَدِّدًا هَلْ يُعِيدُهُ كَذَلِكَ حَتَّى لَوْ تَيَمَّمَ فِي الْأَوَّلِ أَرْبَعَ تَيَمُّمَاتٍ يُعِيدُهَا كُلَّهَا أَوْ لَا؟ . اخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي ذَلِكَ، وَاَلَّذِي يَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ كَمَا قَالَهُ شَيْخِي أَنَّهُ يَتَيَمَّمُ تَيَمُّمًا وَاحِدًا.

قَالَ: وَاَلَّذِي قَالَ بِالتَّعَدُّدِ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى طَرِيقَةِ الرَّافِعِيِّ لِأَجْلِ التَّرْتِيبِ، خَرَجَ بِقَوْلِهِ وَلَمْ يُحْدِثْ مَا إذَا أَحْدَثَ فَإِنَّهُ يُعِيدُ جَمِيعَ مَا مَرَّ.

قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَلَوْ أَجْنَبَ صَاحِبُ الْجَبِيرَةِ اغْتَسَلَ وَتَيَمَّمَ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ نَزْعُهَا بِخِلَافِ الْخُفِّ، وَالْفَرْقُ أَنَّ فِي إيجَابِ النَّزْعِ مَشَقَّةً، وَلَوْ اغْتَسَلَ الْجُنُبُ وَتَيَمَّمَ عَنْ جِرَاحَةٍ فِي غَيْرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ ثُمَّ أَحْدَثَ بَعْدَ أَدَاءِ فَرِيضَةٍ مِنْ صَلَاةٍ أَوْ طَوَافٍ لَمْ يَبْطُلْ تَيَمُّمُهُ؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ عَنْ غَيْرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ الْحَدَثُ فَيَتَوَضَّأُ، وَيُصَلِّي بِوُضُوئِهِ مَا شَاءَ مِنْ النَّوَافِلِ وَلَوْ بَرَأَ بِتَثْلِيثِ الرَّاءِ وَهُوَ عَلَى طَهَارَةٍ بَطَلَ تَيَمُّمُهُ لِزَوَالِ عِلَّتِهِ، وَوَجَبَ غَسْلُ مَوْضِعِ الْعُذْرِ، جُنُبًا كَانَ أَوْ مُحْدِثًا، وَيَجِبُ عَلَى الْمُحْدِثِ أَنْ يَغْسِلَ مَا بَعْدَ مَوْضِعِ الْعُذْرِ رِعَايَةً لِلتَّرْتِيبِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا وَجَبَ إعَادَةُ تَطْهِيرِ عُضْوٍ لِبُطْلَانِهِ خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ تَامَّ الطُّهْرِ، فَإِذَا أَتَمَّهُ وَجَبَ إعَادَةُ مَا بَعْدَهُ كَمَا لَوْ أَغْفَلَ لَمْعَةً بِخِلَافِ نَحْوِ الْجُنُبِ وَلَا يَسْتَأْنِفَانِ الطَّهَارَةَ، وَبُطْلَانُ بَعْضِهَا لَا يَقْتَضِي بُطْلَانَ كُلِّهَا وَلَوْ تَوَهَّمَ الْبُرْءَ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَضَمِّهَا فَرَفَعَ السَّاتِرَ فَبَانَ خِلَافَهُ لَمْ يَبْطُلْ تَيَمُّمُهُ بِخِلَافِ تَوَهُّمِ الْمَاءِ فَإِنَّهُ يُبْطِلُهُ وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنْ لَا مَاءَ؛ لِأَنَّ تَوَهُّمَهُ يُوجِبُ الطَّالِبَ، وَتَوَهُّمُ الْبُرْءِ لَا يُوجِبُ الْبَحْثَ عَنْهُ. فَإِنْ قِيلَ: قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: لَوْ سَقَطَتْ جَبِيرَتُهُ فِي الصَّلَاةِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ لَمْ يَبْرَأَ كَانْخِلَاعِ الْخُفِّ فَيَشْكُلُ عَلَى مَا هُنَا.

أُجِيبَ بِأَنَّ مَا هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْ الصَّحِيحِ مَا يَجِبُ غَسْلُهُ بِأَنْ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ شَيْءٌ أَصْلًا بِأَنْ يَكُونَ اللُّصُوقِ عَلَى قَدْرِ الْجِرَاحَةِ، وَأَنْ يَكُونَ الْعَلِيلُ بِحَيْثُ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُمِرَّ التُّرَابَ عَلَيْهِ، وَمَا هُنَاكَ عَلَى مَا إذَا ظَهَرَ مِنْهُ ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ عَلَى عُضْوِهِ جَبِيرَتَانِ فَرَفَعَ إحْدَاهُمَا لَمْ يَلْزَمْهُ رَفْعُ الْأُخْرَى بِخِلَافِ الْخُفَّيْنِ؛ لِأَنَّ لُبْسَهُمَا جَمِيعًا شَرْطٌ بِخِلَافِ الْجَبِيرَتَيْنِ. ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ.

[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَرْكَانِ التَّيَمُّمِ وَكَيْفِيَّتِهِ]

ِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا سَيَأْتِي (يَتَيَمَّمُ بِكُلِّ تُرَابٍ) وَهُوَ اسْمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>