للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَإِذَا قَصَدَ نِكَاحَهَا

سُنَّ نَظَرُهُ إلَيْهَا

ــ

[مغني المحتاج]

الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَلَى عَشِيرَتِهِ الْأَقْرَبِينَ، وَلَا يَشْكُلُ ذَلِكَ بِتَزَوُّجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَيْنَبَ مَعَ أَنَّهَا بِنْتُ عَمَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ تَزَوَّجَهَا بَيَانًا لِلْجَوَازِ، وَلَا بِتَزَوُّجِ عَلِيٍّ فَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - لِأَنَّهَا بَعِيدَةٌ فِي الْجُمْلَةِ؛ إذْ هِيَ بِنْتُ ابْنِ عَمِّهِ، وَأَيْضًا بَيَانًا لِلْجَوَازِ.

تَنْبِيهٌ لَوْ أَبْدَلَ الْمُصَنِّفُ لَيَّسَتْ بِقَوْلِهِ غَيْرُ كَانَ مُنَاسِبًا لِلصِّفَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَبَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ صِفَاتِ الْمَنْكُوحَةِ أُمُورٌ ذَكَرْتُ مِنْهَا كَثِيرًا فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ، مِنْهَا أَنْ تَكُونَ وَلُودًا، لِخَبَرِ: «تَزَوَّجُوا الْوَلُودَ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ الْأُمَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ.

وَيُعْرَفُ الْبِكْرُ وَلُودًا بِأَقَارِبِهَا، وَأَنْ تَكُونَ جَمِيلَةً لِخَبَرِ الْحَاكِمِ: «خَيْرُ النِّسَاءِ مَنْ تَسُرُّ إذَا نُظِرَتْ، وَتُطِيعُ إذَا أُمِرَتْ، وَلَا تُخَالِفُ فِي نَفْسِهَا وَمَالِهَا» . قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: لَكِنَّهُمْ كَرِهُوا ذَاتَ الْجَمَالِ الْبَارِعِ، فَإِنَّهَا تَزْهُوَ بِجَمَالِهَا، وَأَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ قَالَ لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ: وَلَا تُغَالِ فِي الْمَلِيحَةِ فَإِنَّهَا قَلَّ أَنْ تَسْلَمَ لَك، وَأَنْ تَكُونَ عَاقِلَةً. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَيَتَّجِهُ أَنْ يُرَادَ بِالْعَقْلِ هُنَا الْعَقْلُ الْعُرْفِيُّ، وَهُوَ زِيَادَةٌ عَلَى مَنَاطِ التَّكْلِيفِ. اهـ.

وَالْمُتَّجَهُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا أَنْ يُرَادَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ، وَأَنْ لَا يَكُونَ لَهَا مُطَلِّقٌ يَرْغَبُ فِي نِكَاحِهَا، وَأَنْ لَا تَكُونَ شَقْرَاء، فَقَدْ أَمَرَ الشَّافِعِيُّ الرَّبِيعَ أَنْ يَرُدَّ الْغُلَامَ الْأَشْقَرَ الَّذِي اشْتَرَاهُ لَهُ وَقَالَ مَا لَقِيتُ مِنْ أَشْقَرَ خَيْرًا قَطُّ، وَقِصَّتُهُ مَعَ الْأَشْقَرِ الَّذِي أَضَافَهُ فِي عَوْدِهِ مِنْ الْيَمَنِ مَشْهُورَةٌ، وَأَنْ تَكُونَ ذَاتَ خُلُقٍ حَسَنٍ، وَأَنْ تَكُونَ خَفِيفَةَ الْمَهْرِ؛ لِمَا رَوَى الْحَاكِمُ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا -: " أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «أَعْظَمُ النِّسَاءِ بَرَكَةً أَيْسَرُهُنَّ صَدَاقًا» . وَقَالَ عُرْوَةُ: أَوَّلُ شُؤْمِ الْمَرْأَةِ أَنْ يَكْثُرَ صَدَاقَهَا، وَهَذِهِ الصِّفَاتُ كُلُّهَا قَلَّ أَنْ يَجِدَهَا الشَّخْصُ فِي نِسَاءِ الدُّنْيَا، وَإِنَّمَا تُوجَدُ فِي نِسَاءِ الْجِنَانِ، فَنَسْأَلُ اللَّهَ - تَعَالَى - أَنْ لَا يَحْرِمَنَا مِنْهُنَّ، وَيُسَنُّ أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ ظَاهِرَةٍ. قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: وَيُقَاسُ بِالزَّوْجَةِ فِي هَذَا السُّرِّيَّةِ، وَلَكِنْ مَنَعَ الْقَفَّالُ وَالْجُوَيْنِيُّ التَّسَرِّي فِي زَمَانِنَا لِعَدَمِ التَّخْمِيسِ. نَعَمْ مَسْبِيُّ الْكُفَّارِ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ شِرَاؤُهَا وَوَطْؤُهَا؛ إذْ لَا خُمُسَ عَلَى الْكَافِرِ. قَالَ الْغَزِّيُّ: وَلَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً ثُمَّ اشْتَرَى مِنْ وَكِيلِ بَيْتِ الْمَالِ مَا يَخُصُّهُ مِنْ الْخُمْسِ اتَّجَهَ الْحِلُّ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَوْ أَعَفَّتْهُ وَاحِدَةٌ لَكِنَّهَا عَقِيمٌ اُسْتُحِبَّ لَهُ نِكَاحُ وَلُودٍ، وَيُسَنُّ أَنْ يَتَزَوَّجَ فِي شَوَّالٍ، وَأَنْ يَدْخُلَ فِيهِ، وَأَنْ يَعْقِدَ فِي الْمَسْجِدِ، وَأَنْ يَكُونَ مَعَ جَمْعٍ، وَأَنْ يَكُونَ أَوَّلَ النَّهَارِ لِخَبَرِ: «اللَّهُمَّ بَارِكْ لِأُمَّتَيَّ فِي بُكُورِهَا» (وَإِذَا قَصَدَ نِكَاحَهَا) وَرَجَا رَجَاءً ظَاهِرًا أَنَّهُ يُجَابُ إلَى خِطْبَتِهِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ.

(سُنَّ نَظَرُهُ إلَيْهَا) «لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ وَقَدْ خَطَبَ امْرَأَةً: اُنْظُرْ إلَيْهَا فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا الْمَوَدَّةُ وَالْأُلْفَةُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ.

وَمَعْنَى يُؤْدَمُ أَيْ يَدُومَ فَقَدَّمَ الْوَاوَ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>