للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ تَحِلُّ خِطْبَةُ خَلِيَّةٍ عَنْ نِكَاحٍ وَعِدَّةٍ، لَا تَصْرِيحٌ لِمُعْتَدَّةٍ، وَلَا تَعْرِيضٌ لِرَجْعِيَّةٍ، وَيَحِلُّ تَعْرِيضٌ فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ وَكَذَا لِبَائِنٍ فِي الْأَظْهَرِ.

ــ

[مغني المحتاج]

[فَصْلٌ فِي الْخِطْبَةِ]

ِ، وَهِيَ بِكَسْرِ الْخَاءِ: الْتِمَاسُ الْخَاطِبِ النِّكَاحَ مِنْ جِهَةِ الْمَخْطُوبَةِ (تَحِلُّ خِطْبَةُ خَلِيَّةٍ عَنْ نِكَاحٍ، وَ) عَنْ (عِدَّةٍ) وَكُلِّ مَانِعٍ مِنْ مَوَانِعِ النِّكَاحِ وَأَنْ لَا يَسْبِقَهُ غَيْرُهُ بِالْخِطْبَةِ، وَيُجَابُ تَعْرِيضًا وَتَصْرِيحًا كَمَا تَحْرُمُ خِطْبَةُ مَنْكُوحَةٍ كَذَلِكَ إجْمَاعًا فِيهِمَا.

وَيُسْتَثْنَى مِنْ مَفْهُومِ كَلَامِهِ الْمُعْتَدَّةُ عَنْ وَطْءِ الشُّبْهَةِ فَإِنَّ الْأَصَحَّ الْقَطْعُ بِجَوَازِ خِطْبَتِهَا مِمَّنْ لَهُ الْعِدَّةُ مَعَ عَدَمِ خُلُوِّهَا عَنْ الْعِدَّةِ، وَمِنْ مَنْطُوقِهِ الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا، فَلَا يَجُوزُ لِمُطَلِّقِهَا أَنْ يَخْطُبَهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ وَتَعْتَدَّ مِنْهُ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَحِلَّ لَهُ نِكَاحُ الْمَخْطُوبَةِ، فَلَوْ كَانَ تَحْتَهُ أَرْبَعُ حَرُمَ أَنْ يَخْطِبَ خَامِسَةً وَأَنْ يَخْطِبَ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ.

قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ: وَقِيَاسُهُ تَحْرِيمُ خِطْبَةِ مَنْ يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ، وَكَذَا ثَانِيَةُ السَّفِيهِ، وَثَالِثَةُ الْعَبْدِ. وَأَمَّا الْمُحْرِمُ فَفِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ مِنْ الْحَجِّ: يُسْتَحَبُّ لَهُ تَرْكُ الْخِطْبَةِ.

تَنْبِيهٌ: تَعْبِيرُهُ بِالْحِلِّ يُفْهِمُ أَنَّهَا غَيْرُ مُسْتَحَبَّةٍ، وَهُوَ مَا نَقَلَاهُ عَنْ الْأَصْحَابِ. وَقَالَ الْغَزَالِيُّ: هِيَ مُسْتَحَبَّةٌ، وَقِيلَ: هِيَ كَالنِّكَاحِ؛ إذْ الْوَسَائِلُ كَالْمَقَاصِدِ، وَقَدْ تُوهِمُ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ جَوَازَ خِطْبَةِ السُّرِّيَّةِ وَأُمِّ الْوَلَدِ الْمُسْتَفْرَشَةِ وَإِنْ لَمْ يُعْرِضْ السَّيِّدُ عَنْهُمَا.

وَالْأَوْجَهُ مَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُمَا فِي حُكْمِ الْمَنْكُوحَةِ، وَلِمَا فِيهِ مِنْ إيذَاءِ السَّيِّدِ. نَعَمْ إنْ وَجَبَ الِاسْتِبْرَاءُ وَلَمْ يَقْصِدْ السَّيِّدُ التَّسَرِّيَ جَازَ التَّعْرِيضُ كَالْبَائِنِ إلَّا إنْ خِيفَ فَسَادُهَا عَلَى مَالِكِهَا، وَ (لَا) يَحِلُّ (تَصْرِيحٌ لِمُعْتَدَّةٍ) بَائِنًا كَانَتْ أَوْ رَجْعِيَّةً بِطَلَاقٍ أَوْ فَسْخٍ أَوْ انْفِسَاخٍ أَوْ مَوْتٍ أَوْ مُعْتَدَّةً عَنْ شُبْهَةٍ لِمَفْهُومِ قَوْله تَعَالَى: {وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} [البقرة: ٢٣٥] [الْبَقَرَةُ] الْآيَةَ. وَحَكَى ابْنُ عَطِيَّةَ الْإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ، وَالتَّصْرِيحُ مَا يَقْطَعُ بِالرَّغْبَةِ فِي النِّكَاحِ كَأُرِيدُ أَنْ أَنْكِحَكِ وَإِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُكِ نَكَحْتُكِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا صَرَّحَ تَحَقَّقَتْ رَغْبَتُهُ فِيهَا فَرُبَّمَا تَكْذِبُ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ (وَلَا) يَحِلُّ (تَعْرِيضٌ لِرَجْعِيَّةٍ) لِأَنَّهَا زَوْجَةٌ أَوْ فِي مَعْنَى الزَّوْجَةِ، وَلِأَنَّهَا مَجْفُوَّةٌ بِالطَّلَاقِ فَقَدْ تَكْذِبُ انْتِقَامًا، وَالتَّعْرِيضُ مَا يَحْتَمِلُ الرَّغْبَةُ فِي النِّكَاحِ وَعَدَمَهَا، كَقَوْلِهِ: أَنْتِ جَمِيلَةٌ، وَرُبَّ رَاغِبٍ فِيكِ، وَمَنْ يَجِدُ مِثْلَكِ، وَلَسْتِ بِمَرْغُوبٍ عَنْكِ، وَالتَّعْرِيضُ مَأْخُوذٌ مِنْ عُرْضِ الشَّيْءِ، وَهُوَ جَانِبُهُ؛ لِأَنَّهُ يُظْهِرُ بَعْضَ مَا يُرِيدُهُ، وَفُهِمَ مِنْهُ مَنْعُ التَّصْرِيحِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى (وَيَحِلُّ تَعْرِيضٌ فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ) وَلَوْ حَامِلًا لِلْآيَةِ السَّابِقَةِ، وَالْمُوَاعَدَةُ فِيهَا سِرًّا كَالْخِطْبَةِ عَلَى الصَّحِيحِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَمْ يُرِدْ بِالسِّرِّ ضِدَّ الْجَهْرِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ الْجِمَاعَ، وَكَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَنْشَدُوا: الطَّوِيلَ

أَلَا زَعَمَتْ بَسَّاسَةُ الْيَوْمَ أَنَّنِي ... كَبِرْتُ وَأَنْ لَا يَشْهَدَ السِّرَّ أَمْثَالِي

(وَكَذَا) يَحِلُّ تَعْرِيضٌ (لِبَائِنٍ) بِفَسْخٍ أَوْ رِدَّةٍ أَوْ طَلَاقٍ (فِي الْأَظْهَرِ) لِعُمُومِ الْآيَةِ، وَلِانْقِطَاعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>