للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ السَّيِّدُ بِإِذْنِهِ فِي نِكَاحِ عَبْدِهِ لَا يَضْمَنُ مَهْرًا وَنَفَقَةً فِي الْجَدِيدِ، وَهُمَا فِي كَسْبِهِ بَعْدَ النِّكَاحِ الْمُعْتَادِ وَالنَّادِرِ، فَإِنْ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي تِجَارَةٍ فَفِيمَا بِيَدِهِ مِنْ رِبْحٍ

ــ

[مغني المحتاج]

[فَصْلٌ فِي نِكَاحُ الرَّقِيقِ مِنْ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ]

ٍ (السَّيِّدُ بِإِذْنِهِ فِي نِكَاحِ عَبْدِهِ لَا يَضْمَنُ) لَهُ (مَهْرًا وَ) لَا (نَفَقَةً فِي الْجَدِيدِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْهُمَا وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِيهِ عَلَى أَنْ يَضْمَنَ ذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّهُ ضَمَانُ مَا لَمْ يَجِبْ، وَلَوْ ضَمِنَ بَعْدَ الْعَقْدِ صَحَّ فِي الْمَهْرِ الْمَعْلُومِ، وَلَا يَصِحُّ فِي النَّفَقَةِ، وَالْقَدِيمُ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ يَقْتَضِي الِالْتِزَامَ.

فَرْعٌ: لَوْ زَوَّجَ عَبْدَهُ بِأَمَتِهِ أَنْفَقَ عَلَيْهِمَا بِحُكْمِ الْمِلْكِ، وَإِنْ أَتَى الْعَبْدُ مِنْهَا بِأَوْلَادٍ فَإِنْ أَعْتَقَهَا السَّيِّدُ وَأَوْلَادَهَا فَنَفَقَتُهَا فِي كَسْبِ الْعَبْدِ وَنَفَقَةُ أَوْلَادِهَا عَلَيْهَا، فَإِنْ أَعْسَرَتْ فَفِي بَيْتِ الْمَالِ، وَإِنْ أَعْتَقَ الْعَبْدَ دُونَهَا فَنَفَقَتُهَا عَلَى الْعَبْدِ كَحُرٍّ تَزَوَّجَ أَمَةً، وَنَفَقَةُ الْأَوْلَادِ عَلَى السَّيِّدِ لِأَنَّهُمْ مِلْكُهُ.

تَنْبِيهٌ: قَالَ السُّبْكِيُّ: وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ لَا يَضْمَنُ بِإِذْنِهِ فِي نِكَاحِ عَبْدِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ لِيَتَسَلَّطَ النَّفْيُ عَلَى الضَّمَانِ بِالْإِذْنِ، فَهُوَ نَفْيٌ لِكَوْنِ الْإِذْنِ سَبَبًا لِلضَّمَانِ وَهُوَ الْمَقْصُودُ، وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ مُحْتَمِلَةٌ لِهَذَا، وَمُحْتَمِلَةٌ أَيْضًا لِكَوْنِ الْإِذْنِ سَبَبًا لِنَفْيِ الضَّمَانِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ} [القصص: ١٧] [الْقَصَصُ] وَلَيْسَ بِمَقْصُودٍ (وَهُمَا) أَيْ الْمَهْرُ وَالنَّفَقَةُ (فِي كَسْبِهِ) لِأَنَّ الْأَمْرَ بِشَيْءٍ أَمْرٌ بِلَوَازِمِهِ، وَكَسْبُ الْعَبْدِ أَقْرَبُ شَيْءٍ يُصْرَفُ إلَيْهِمَا، وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ (بَعْدَ النِّكَاحِ) وَبَعْدَ وُجُوبِ دَفْعِهِمَا وَهُوَ فِي مَهْرِ الْمُفَوَّضَةِ بِوَطْءٍ أَوْ قَرْضٍ صَحِيحٍ وَفِي مَهْرِ غَيْرِهَا الْمُؤَجَّلِ بِالْحُلُولِ وَالْحَالِّ بِالنِّكَاحِ وَفِي غَيْرِ الْمَهْرِ مِنْ نَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ وَغَيْرِهِمَا مِنْ مُؤَنِ النِّكَاحِ بِالتَّمْكِينِ، وَلَا فَرْقَ فِي الْكَسْبِ بَيْنَ (الْمُعْتَادِ) كَاحْتِطَابٍ وَاصْطِيَادٍ وَمَا حَصَلَ بِحِرْفَةٍ (وَالنَّادِرُ) ، كَالْحَاصِلِ بِلُقَطَةٍ أَوْ هِبَةٍ. أَمَّا الْكَسْبُ قَبْلَ وُجُوبِ الدَّفْعِ فَيَخْتَصُّ بِهِ السَّيِّدُ لِعَدَمِ الْمُوجِبِ مَعَ أَنَّ الْإِذْنَ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ. فَإِنْ قِيلَ: قَدْ اعْتَبَرُوا فِي الضَّمَانِ الْكَسْبَ الْحَاصِلَ بَعْدَ الْإِذْنِ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ الْمَأْذُونُ فِيهِ وَهُوَ الضَّمَانُ فَهَلَّا كَانَ هُنَا كَذَلِكَ؟ .

أُجِيبَ بِأَنَّ الضَّمَانَ ثَمَّ ثَابِتٌ حَالَةَ الْإِذْنِ بِخِلَافِهِ هُنَا.

تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمَهْرَ وَالنَّفَقَةَ لَا يَتَعَلَّقَانِ مَعَ الْكَسْبِ بِذِمَّةِ الْعَبْدِ، وَهُوَ وَجْهٌ، وَالْأَصَحُّ التَّعَلُّقُ، وَظَاهِرُهُ أَيْضًا التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ، وَلَيْسَ مُرَادًا، بَلْ يُصْرَفُ كَسْبُهُ كُلَّ يَوْمٍ لِلنَّفَقَةِ، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلِلْمَهْرِ، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلِلسَّيِّدِ، وَلَا يُدَّخَرُ شَيْءٌ لِلنَّفَقَةِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ (فَإِنْ كَانَ) الْعَبْدُ (مَأْذُونًا لَهُ فِي تِجَارَةٍ فَفِيمَا بِيَدِهِ) أَيْضًا (مِنْ رِبْحٍ) لِأَنَّهُ نَمَاءُ كَسْبِهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>