للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ قَالَتْ لِوَلِيِّهَا زَوِّجْنِي بِأَلْفٍ فَنَقَصَ عَنْهُ بَطَلَ النِّكَاحُ، فَلَوْ أَطْلَقَتْ فَنَقَصَ عَنْ مَهْرِ مِثْلٍ بَطَلَ، وَفِي قَوْلٍ يَصِحُّ بِمَهْرِ مِثْلٍ. قُلْت: الْأَظْهَرُ صِحَّةُ النِّكَاحِ فِي الصُّورَتَيْنِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

فَصْلٌ

ــ

[مغني المحتاج]

أَنَّهُ مَهْرُ الْعَلَانِيَةِ، وَالطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ تَحْكِي قَوْلَيْنِ فِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَثْبَتَهَا فِي الْحَالَةِ الْأُولَى أَيْضًا. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَنْبَنِي عَلَى ثَلَاثِ قَوَاعِدَ فِي كُلٍّ مِنْهَا خِلَافٌ:

الْأُولَى: الِاصْطِلَاحُ الْخَاصُّ هَلْ يَرْفَعُ الِاصْطِلَاحَ الْعَامَّ؟

وَالثَّانِيَةُ: أَنَّ الْإِبْهَامَ فِي الشُّرُوطِ هَلْ يُؤَثِّرُ فِيهَا؟

وَالثَّالِثَةُ: أَنَّ الشَّرْطَ قَبْلَ الْعَقْدِ هَلْ يَلْحَقُهُ وَلَوْ اتَّفَقُوا عَلَى تَسْمِيَةِ الْأَلْفِ بِأَلْفَيْنِ، فَإِنْ عَبَّرُوا بِهِمَا عَنْهَا وَعَقَدُوا بِهِمَا لَزِمَا لِجَرَيَانِ اللَّفْظِ الصَّرِيحِ بِهِمَا أَوْ عَقَدُوا بِهِمَا عَلَى أَنْ لَا يَلْزَمَ إلَّا أَلْفٌ صَحَّ النِّكَاحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ لِفَسَادِ الشَّرْطِ.

(وَلَوْ قَالَتْ) رَشِيدَةٌ (لِوَلِيِّهَا) غَيْرِ الْمُجْبِرِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَحْتَاجُ إلَى إذْنٍ (زَوِّجْنِي بِأَلْفٍ فَنَقَصَ عَنْهُ بَطَلَ النِّكَاحُ) لِلْمُخَالَفَةِ، وَفِي قَوْلٍ مِنْ الطَّرِيقِ الثَّانِي يَصِحُّ بِمَهْرِ الْمِثْلِ، وَأَفْهَمَ الْبُطْلَانُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، فِيمَا إذَا زَوَّجَهَا بِلَا مَهْرٍ أَوْ مُطْلَقًا أَوْ سَكَتَ عَنْ الْمَهْرِ سَوَاءٌ أَزَوَّجَهَا بِنَفْسِهِ أَمْ بِوَكِيلِهِ (فَلَوْ أَطْلَقَتْ) بِأَنْ سَكَتَتْ عَنْ الْمَهْرِ (فَنَقَصَ عَنْ مَهْرِ مِثْلٍ بَطَلَ) النِّكَاحُ؛ لِأَنَّ الْمُطْلَقَ مَحْمُولٌ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ وَقَدْ نَقَصَ عَنْهُ (وَفِي قَوْلٍ: يَصِحُّ بِمَهْرِ مِثْلٍ) إذْ لَيْسَتْ الْمُخَالَفَةُ صَرِيحَةً (قُلْت: الْأَظْهَرُ صِحَّةُ النِّكَاحِ فِي الصُّورَتَيْنِ) الْمَذْكُورَتَيْنِ (بِمَهْرِ الْمِثْلِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) كَسَائِرِ الْأَسْبَابِ الْمُفْسِدَةِ لِلصَّدَاقِ، وَلَوْ كَانَتْ سَفِيهَةً وَسَمَّى دُونَ تَسْمِيَتِهَا، وَلَكِنَّهُ كَانَ زَائِدًا عَلَى مَهْرِ مِثْلِهَا. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فِي التَّدْرِيبِ: فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُضَيِّعَ الزَّائِدَ عَلَيْهَا وَلَمْ يَذْكُرُوهُ وَلَوْ طُرِدَ فِي الرَّشِيدَةِ لَمْ يَبْعُدْ اهـ.

لَكِنَّهُمْ لَمْ يَنْظُرُوا إلَى ذَلِكَ مَعَ وُجُودِ الرُّجُوعِ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ الْمُرَادُ.

تَنْبِيهٌ: جَرَتْ عَادَةُ الْأَوْلِيَاءِ بِتَزْوِيجِ الصِّغَارِ بِمَهْرٍ مُؤَجَّلٍ، وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الصِّحَّةُ عِنْدَ الْمَصْلَحَةِ لِتَحْصِيلِ كُفْءٍ، وَلَكِنْ لَا يُسَلِّمُهَا حَتَّى يَأْخُذَ عَلَى الصَّدَاقِ رَهْنًا كَيْ لَا تَفُوتَ مَنْفَعَةُ الْبُضْعِ بِلَا مُقَابِلٍ فِي الْحَالِ، وَلَوْ زَوَّجَهَا بِعَرْضٍ أَوْ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ. قَالَ فِي الْبَيَانِ الَّذِي يَقْتَضِيهِ الْقِيَاسُ: إنْ كَانَ الْوَلِيُّ مُجْبِرًا وَهِيَ غَيْرُ مُكَلَّفَةٍ صَحَّ إنْ كَانَ ذَلِكَ مَهْرَ مِثْلِهَا، فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُجْبِرٍ وَغَيْرَ حَاكِمٍ، أَوْ وَهِيَ مُكَلَّفَةٌ لَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ الْمَهْرُ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِإِذْنِهَا، فَإِنْ كَانَ الْحَاكِمُ وَهِيَ مَجْنُونَةٌ وَرَأَى أَنْ يُزَوِّجَهَا بِشَيْءٍ مِنْ الْعَرْضِ وَقِيمَتُهُ قَدْرُ مَهْرِ مِثْلِهَا صَحَّ ذَلِكَ.

[فَصْلٌ فِي التَّفْوِيضِ]

ِ مَعَ مَا يُذْكَرُ مَعَهُ، وَهُوَ جَعْلُ الْأَمْرِ إلَى غَيْرِهِ، وَيُقَالُ الْإِهْمَالُ، وَمِنْهُ لَا يُصْلِحُ النَّاسَ فَوْضَى، وَهُوَ قِسْمَانِ: تَفْوِيضُ مَهْرٍ، كَقَوْلِهَا لِلْوَلِيِّ: زَوِّجْنِي بِمَا شِئْت أَوْ شَاءَ فُلَانٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>