للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا يَضُرُّ تَخَلُّلُ كَلَامٍ يَسِيرٍ بَيْنَ إيجَابٍ وَقَبُولٍ.

فَصْلٌ: قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ، وَعَلَيْك أَوْ وَلِي عَلَيْك كَذَا، وَلَمْ يَسْبِقْ طَلَبُهَا بِمَالٍ وَقَعَ رَجْعِيًّا قَبِلَتْ أَمْ لَا وَلَا مَالَ،

ــ

[مغني المحتاج]

تَنْبِيهٌ: لَوْ وَقَعَتْ الرِّدَّةُ مَعَ الْجَوَابِ. قَالَ السُّبْكِيُّ: الَّذِي يَظْهَرُ بَيْنُونَتُهَا بِالرِّدَّةِ، وَلَمْ أَرَ لِلْأَصْحَابِ كَلَامًا فِي ذَلِكَ. وَقَالَ شَيْخُنَا فِي مَنْهَجِهِ: إذَا أَجَابَ قَبْلَ الرِّدَّةِ أَوْ مَعَهَا طَلُقَتْ وَوَجَبَ الْمَالُ، وَهَذَا أَوْجَهُ، وَلَوْ ارْتَدَّ الزَّوْجُ بَعْدَ سُؤَالِهَا فَحُكْمُهُ كَرِدَّتِهَا بَعْدَ سُؤَالِهَا (وَلَا يَضُرُّ) فِي الْخُلْعِ (تَخَلُّلُ كَلَامٍ يَسِيرٍ) عُرْفًا (بَيْنَ إيجَابٍ وَقَبُولٍ) فِيهِ. قَالَ الشَّارِحُ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الِارْتِدَادِ اهـ.

وَهَذَا بِخِلَافِ الْبَيْعِ، وَتَقَدَّمَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ هُنَاكَ بِخِلَافِ الْكَثِيرِ فَيَضُرُّ لِإِشْعَارِهِ بِالْإِعْرَاضِ.

تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ كَوْنِ الْكَثِيرِ مُضِرًّا إذَا صَدَرَ مِنْ الْمُخَاطَبِ الْمَطْلُوبِ مِنْهُ الْجَوَابُ، فَإِنْ صَدَرَ مِنْ الْمُتَكَلِّمِ فَفِيهِ وَجْهَانِ كَالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ فِي النِّكَاحِ اقْتَضَى إيرَادَ الرَّافِعِيِّ أَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ. ثُمَّ حُكِيَ عَنْ الْبَغَوِيِّ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا، وَاعْتَمَدَ هَذَا شَيْخِي، وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِتَمْثِيلِ الشَّارِحِ لِلْيَسِيرِ بِالِارْتِدَادِ فَإِنَّهُ مِنْ جَانِبِ الْمُتَكَلِّمِ، فَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ كَثِيرًا ضَرَّ.

[فَصْلٌ فِي الْأَلْفَاظِ الْمُلْزِمَةِ لِلْعِوَضِ]

ِ إذَا (قَالَ) لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ (طَالِقٌ) أَوْ طَلَّقْتُك (وَعَلَيْك) كَذَا (أَوْ وَلِي عَلَيْك كَذَا) كَأَلْفٍ (وَلَمْ يَسْبِقْ طَلَبُهَا) لِلطَّلَاقِ (بِمَالٍ وَقَعَ) عَلَيْهِ الطَّلَاقُ (رَجْعِيًّا قَبِلَتْ أَمْ لَا وَلَا مَالَ) عَلَيْهَا لِلزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ مَجَّانًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ عِوَضًا وَلَا شَرْطًا بَلْ ذَكَرَ جُمْلَةً مَعْطُوفَةً عَلَى الطَّلَاقِ، فَلَا يُتَأَثَّرُ بِهَا وَتَلْغُو فِي نَفْسِهَا، وَهَذَا بِخِلَافِ قَوْلِهَا: طَلِّقْنِي وَعَلَيَّ أَوْ لَكَ عَلَيَّ أَلْفٌ فَأَجَابَهَا فَإِنَّهُ يَقَعُ بَائِنًا بِأَلْفٍ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ يَتَعَلَّقُ بِهَا الْتِزَامُ الْمَالِ فَيُحْمَلُ اللَّفْظُ مِنْهَا عَلَى الِالْتِزَامِ وَالزَّوْجُ يَنْفَرِدُ بِالطَّلَاقِ.

تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ مَا ذَكَرَهُ إذَا لَمْ يَشِعْ فِي الْعُرْفِ اسْتِعْمَالُ هَذَا اللَّفْظِ فِي طَلَبِ الْعِوَضِ وَإِلْزَامِهِ، فَإِنْ شَاعَ فَهُوَ كَقَوْلِهِ: طَلَّقْتُك عَلَى كَذَا، حَكَاهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّاهُ. فَإِنْ قِيلَ: نَقَلَ الرَّافِعِيُّ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَالْأَكْثَرِينَ أَنَّهُ إذَا تَعَارَضَ مَدْلُولَانِ لُغَوِيٌّ وَعُرْفِيٌّ قُدِّمَ اللُّغَوِيُّ، وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ عَدَمُ اللُّزُومِ هُنَا.

أُجِيبَ بِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِيمَا إذَا اُشْتُهِرَ فِي الْعُرْفِ اسْتِعْمَالُ لَفْظٍ فِي إرَادَةِ شَيْءٍ، وَلَمْ يُعَارِضْهُ مَدْلُولٌ لُغَوِيٌّ، وَالْكَلَامُ هُنَاكَ فِيمَا إذَا تَعَارَضَ مَدْلُولَانِ لُغَوِيٌّ وَعُرْفِيٌّ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: وَلَمْ يَسْبِقْ طَلَبُهَا بِمَالٍ مَا إذَا سَبَقَ، فَإِنَّ الصِّيغَةَ تَكُونُ مُقْتَضِيَةً لِلِالْتِزَامِ، سَوَاءٌ أَكَانَ مَا طَلَبَتْهُ مُعَيَّنًا أَمْ لَا، كَقَوْلِهَا: طَلِّقْنِي بِمَالٍ وَسَيَأْتِي. ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْ وُقُوعِ مَا ذَكَرَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>