للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ يَلْزَمُهُ نَفَقَةُ الْوَالِدِ، وَإِنْ عَلَا، وَالْوَلَدِ وَإِنْ سَفَلَ،

ــ

[مغني المحتاج]

النِّكَاحِ، وَفِي تَنَاوُلِهَا بِحُكْمِ الْعُرْفِ وَتَعَلَّقَتْ الْأَمَةُ بِالنَّفَقَةِ الْمَقْبُوضَةِ فَلَيْسَ لَهُ بَيْعُهَا قَبْلَ إبْدَالِهَا لَهَا بِغَيْرِهَا؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهَا وَإِنْ كَانَتْ لَهُ بِحَقِّ الْمِلْكِ، لَكِنْ لَهَا فِيهَا حَقُّ التَّوَثُّقِ، فَإِنْ أَبْدَلَهَا جَازَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهَا بِبَيْعٍ وَغَيْرِهِ، وَيَجُوزُ لَهَا إبْرَاءُ زَوْجِهَا مِنْ نَفَقَةِ الْيَوْمِ؛ لِأَنَّهَا لِلْحَاجَةِ النَّاجِزَةِ فَكَأَنَّ الْمِلْكَ لَا يَثْبُتُ لِلسَّيِّدِ إلَّا بَعْدَ الْقَبْضِ، أَمَّا قَبْلَهُ فَيَتَمَحَّضُ الْحَقُّ لَهَا، وَلَا يَصِحُّ إبْرَاؤُهَا مِنْ نَفَقَةِ أَمْسِ كَمَا فِي الْمَهْرِ، وَأَمَّا السَّيِّدُ فَيَصِحُّ إبْرَاؤُهُ مِنْ نَفَقَةِ الْأَمْسِ لَا نَفَقَةِ الْيَوْمِ، وَلَوْ ادَّعَى الزَّوْجُ تَسْلِيمَ النَّفَقَةِ الْمَاضِيَةِ أَوْ الْحَاضِرَةِ أَوْ الْمُسْتَقْبَلَةِ فَأَنْكَرَتْ الْأَمَةُ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّسْلِيمِ، فَإِنْ صَدَّقَهُ السَّيِّدُ بَرِئَ مِنْ النَّفَقَةِ الْمَاضِيَةِ دُونَ الْمُسْتَقْبَلَةِ وَالْحَاضِرَةِ؛ لِأَنَّ الْخُصُومَةَ لِلسَّيِّدِ فِي الْمَاضِيَةِ كَالْمَهْرِ دُونَ الْحَاضِرَةِ، وَمَنْ طُولِبَ بِنَفَقَةٍ مَاضِيَةٍ وَادَّعَى الْإِعْسَارَ يَوْمَ وُجُوبِهَا حَتَّى يَلْزَمَهُ نَفَقَةُ الْمُعْسِرِ وَادَّعَتْ هِيَ الْيَسَارَ فِيهِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ إنْ لَمْ يُعْرَفْ لَهُ مَالٌ وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ عَجَزَ الْعَبْدُ عَنْ الْكَسْبِ الَّذِي كَانَ يُنْفِقُ مِنْهُ وَلَمْ تَرْضَ زَوْجَتُهُ بِذِمَّتِهِ كَانَ لَهَا الْفَسْخُ، وَإِنْ رَضِيَتْ صَارَتْ نَفَقَتُهَا دَيْنًا عَلَيْهِ، وَلَوْ عَجَزَ السَّيِّدُ عَنْ نَفَقَةِ أُمِّ وَلَدِهِ أُجْبِرَ عَلَى تَخْلِيَتِهَا لِتَكْتَسِبَ وَتُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهَا أَوْ عَلَى إيجَارِهَا وَلَا يُجْبَرُ عَلَى عِتْقِهَا أَوْ تَزْوِيجِهَا كَمَا لَا يُرْفَعُ مِلْكُ الْيَمِينِ بِالْعَجْزِ عَنْ الِاسْتِمْتَاعِ، فَإِنْ عَجَزَتْ عَنْ الْكَسْبِ فَنَفَقَتُهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ.

[فَصْل فِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ وَالْمُوجِبُ لَهَا قَرَابَةُ الْبَعْضِيَّةِ فَقَطْ]

ْ (يَلْزَمُهُ) أَيْ الشَّخْصَ ذَكَرًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ (نَفَقَةُ الْوَالِدِ) الْحُرِّ (وَإِنْ عَلَا) مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى (وَالْوَلَدِ) الْحُرِّ (وَإِنْ سَفَلَ) مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى. وَالْأَصْلُ فِي الْأَوَّلِ قَوْله تَعَالَى: {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: ١٥] ، وَمِنْ الْمَعْرُوفِ الْقِيَامُ بِكِفَايَتِهِمَا عِنْدَ حَاجَتِهِمَا، وَخَبَرُ: «أَطْيَبُ مَا يَأْكُلُ الرَّجُلُ مِنْ كَسْبِهِ وَوَلَدُهُ مِنْ كَسْبِهِ، فَكُلُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ نَفَقَةَ الْوَالِدَيْنِ اللَّذَيْنِ لَا كَسْبَ لَهُمَا وَلَا مَالَ وَاجِبَةٌ فِي مَالِ الْوَلَدِ، وَالْأَجْدَادُ وَالْجَدَّاتُ مُلْحَقُونَ بِهِمَا إنْ لَمْ يَدْخُلُوا فِي عُمُومِ ذَلِكَ كَمَا أُلْحِقُوا بِهِمَا فِي الْعِتْقِ وَالْمِلْكِ وَعَدَمِ الْقَوَدِ وَرَدِّ الشَّهَادَةِ وَغَيْرِهِمَا، وَفِي الثَّانِي قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: ٦] ، إذْ إيجَابُ الْأُجْرَةِ لِإِرْضَاعِ الْأَوْلَادِ يَقْتَضِي إيجَابَ مُؤْنَتِهِمْ، وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِهِنْدٍ: «خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَك بِالْمَعْرُوفِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَالْأَحْفَادُ مُلْحَقُونَ بِالْأَوْلَادِ إنْ لَمْ يَتَنَاوَلْهُمْ إطْلَاقُ مَا تَقَدَّمَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>