للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ جَرَحَ حَرْبِيًّا أَوْ مُرْتَدًّا أَوْ عَبْدَ نَفْسِهِ فَأَسْلَمَ وَعَتَقَ ثُمَّ مَاتَ بِالْجُرْحِ فَلَا ضَمَانَ، وَقِيلَ: تَجِبُ دِيَةٌ، وَلَوْ رَمَاهُمَا فَأَسْلَمَ وَعَتَقَ فَلَا قِصَاصَ، وَالْمَذْهَبُ وُجُوبُ دِيَةِ مُسْلِمٍ مُخَفَّفَةً عَلَى الْعَاقِلَةِ.

وَلَوْ ارْتَدَّ الْمَجْرُوحُ وَمَاتَ بِالسِّرَايَةِ فَالنَّفْسُ هَدَرٌ،

ــ

[مغني المحتاج]

[فَصَلِّ فِي تغير حَال المجروح مِنْ وَقْت الْجُرْح إلَى الْمَوْت]

ِ بِعِصْمَةٍ أَوْ حُرِّيَّةٍ أَوْ إهْدَارٍ أَوْ بِقَدْرِ الْمَضْمُونِ بِهِ. إذَا (جَرَحَ) مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ (حَرْبِيًّا أَوْ مُرْتَدًّا) وَزَادَ عَلَى الْمُحَرَّرِ (أَوْ عَبْدَ نَفْسِهِ فَأَسْلَمَ) الْحَرْبِيُّ أَوْ الْمُرْتَدُّ أَوْ أُمِّنَ الْحَرْبِيُّ (وَعَتَقَ) الْعَبْدُ (ثُمَّ مَاتَ بِالْجُرْحِ) أَيْ بِسِرَايَتِهِ (فَلَا ضَمَانَ) بِمَالٍ وَلَا قِصَاصَ؛ لِأَنَّ الْجُرْحَ السَّابِقَ غَيْرُ مَضْمُونٍ (وَقِيلَ: تَجِبُ دِيَةٌ) مُخَفَّفَةٌ اعْتِبَارًا بِحَالِ اسْتِقْرَارِ الْجِنَايَةِ، وَالْمُرَادُ دِيَةُ حُرٍّ مُسْلِمٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْمَسْأَلَةِ عَقِبَهَا. قَاعِدَةٌ: كُلُّ جُرْحٍ أَوَّلُهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ لَا يَنْقَلِبُ مَضْمُونًا بِتَغَيُّرِ الْحَالِ فِي الِانْتِهَاءِ، وَإِنْ كَانَ مَضْمُونًا فِي أَوَّلِهِ فَقَطْ فَالنَّفْسُ هَدَرٌ، وَيَجِبُ ضَمَانُ تِلْكَ الْجِنَايَةِ، وَإِنْ كَانَ مَضْمُونًا فِي الْحَالَيْنِ اُعْتُبِرَ فِي قَدْرِ الضَّمَانِ الِانْتِهَاءُ، وَيُعْتَبَرُ فِي الْقِصَاصِ الْمُكَافَأَةُ مِنْ الْفِعْلِ إلَى الِانْتِهَاءِ (وَ) حِينَئِذٍ (لَوْ رَمَاهُمَا) أَيْ نَوْعُ الْكَافِرِ بِصِفَتَيْنِ مِنْ حِرَابَةٍ وَرِدَّةٍ وَنَوْعُ عَبْدِ نَفْسِهِ (فَأَسْلَمَ) الْحَرْبِيُّ أَوْ الْمُرْتَدُّ أَوْ أَمِنَ الْحَرْبِيُّ (وَعَتَقَ) الْعَبْدُ ثُمَّ أَصَابَهُ السَّهْمُ (فَلَا قِصَاصَ) قَطْعًا لِعَدَمِ الْمُكَافَأَةِ فِي أَوَّلِ أَجْزَاءِ الْجِنَايَةِ (وَالْمَذْهَبُ وُجُوبُ دِيَةِ مُسْلِمٍ) اعْتِبَارًا بِحَالِ الْإِصَابَةِ؛ لِأَنَّهَا حَالَةُ اتِّصَالِ الْجِنَايَةِ وَالرَّمْيِ كَالْمُقَدَّمَةِ الَّتِي يَتَسَبَّبُ بِهَا إلَى الْجِنَايَةِ كَمَا لَوْ حَفَرَ بِئْرًا عُدْوَانًا وَهُنَاكَ: حَرْبِيٌّ أَوْ مُرْتَدٌّ فَأَسْلَمَ ثُمَّ وَقَعَ فِيهَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ، وَإِنْ كَانَ عِنْدَ السَّبَبِ مُهْدَرًا، وَقِيلَ: لَا يَجِبُ اعْتِبَارًا بِحَالِ الرَّمْيِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ الدَّاخِلُ تَحْتَ الِاخْتِيَارِ، وَالْخِلَافُ مُرَتَّبٌ فِي الشَّرْحِ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَا إذَا أَسْلَمَ وَعَتَقَ بَعْدَ الْجُرْحِ وَأَوْلَى مِنْهُ بِالْوُجُوبِ، وَكَانَ تَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ فِيهِ بِالْمَذْهَبِ لِذَلِكَ، وَعَبْدُ نَفْسِهِ أَوْلَى بِالضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ مَعْصُومٌ مَضْمُونٌ بِالْكَفَّارَةِ، وَسَكَتَ عَنْهُ لِأَنَّهُ زَادَهُ عَلَى الْمُحَرَّرِ كَمَا مَرَّ، فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ: مُسْلِمٌ أَوْ حُرٌّ، وَأَنْ يَقُولَ: رَمَاهُمْ لِيَعُودَ لِلثَّلَاثَةِ قَبْلَهُ، وَكَانَ يَسْتَغْنِي عَنْ التَّأْوِيلِ وَالتَّقْدِيرِ السَّابِقَيْنِ، وَالْأَصَحُّ وُجُوبُ الدِّيَةِ (مُخَفَّفَةً) مَضْرُوبَةً (عَلَى الْعَاقِلَةِ) لِأَنَّهَا دِيَةُ خَطَإٍ كَمَا لَوْ رَمَى إلَى صَيْدٍ فَأَصَابَ آدَمِيًّا، وَهَذَا مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَقِيلَ: دِيَةُ شِبْهِ عَمْدٍ، وَقِيلَ: عَمْدٍ، وَعَكْسُ هَذَا وَهُوَ لَوْ جَرَحَ حَرْبِيٌّ مُسْلِمًا ثُمَّ أَسْلَمَ الْجَارِحُ أَوْ عُقِدَتْ لَهُ ذِمَّةٌ، ثُمَّ مَاتَ الْمَجْرُوحُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الصَّحِيحِ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ.

(وَلَوْ ارْتَدَّ) الْمُسْلِمُ (الْمَجْرُوحُ وَمَاتَ بِالسِّرَايَةِ) مُرْتَدًّا وَجَارِحُهُ غَيْرُ مُرْتَدٍّ (فَالنَّفْسُ هَدَرٌ) لَا قَوَدَ فِيهَا وَلَا دِيَةَ وَلَا كَفَّارَةَ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْجَارِحُ الْإِمَامَ أَمْ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قُتِلَ حِينَئِذٍ مُبَاشَرَةً لَمْ يَجِبْ فِيهِ شَيْءٌ، فَكَذَا بِالسِّرَايَةِ، أَمَّا إذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>