للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّامَّةِ، وَالصَّلَاةِ الْقَائِمَةِ آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ، وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي وَعَدْتَهُ.

فَصْلٌ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ شَرْطٌ لِصَلَاةِ الْقَادِرِ

ــ

[مغني المحتاج]

مَا مَرَّ (التَّامَّةِ) أَيْ السَّالِمَةِ مِنْ تَطَرُّقِ نَقْصٍ إلَيْهَا (وَالصَّلَاةِ الْقَائِمَةِ) أَيْ الَّتِي بِهِ تُقَامُ (آتِ) أَعْطِ (مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي وَعَدْتَهُ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ قَالَ ذَلِكَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ» (١) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ: أَيْ حَصَلَتْ وَزَادَ فِي التَّنْبِيهِ بَعْدَ وَالْفَضِيلَةَ: وَالدَّرَجَةَ الرَّفِيعَةَ، وَبَعْدَ وَعَدْتَهُ: يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وَالْوَسِيلَةُ أَصْلُ مَا يُتَوَسَّلُ بِهِ إلَى الشَّيْء، وَالْجَمْعُ وَسَائِلُ، وَالْمُرَادُ مِنْهَا فِي الْحَدِيثِ الْقُرْبُ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى، وَقِيلَ: مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ كَمَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ: وَقِيلَ: قُبَّتَانِ فِي أَعْلَى عِلِّيِّينَ إحْدَاهُمَا مِنْ لُؤْلُؤَةٍ بَيْضَاءَ يَسْكُنُهَا مُحَمَّدٌ وَآلُهُ، وَالْأُخْرَى مِنْ يَاقُوتَةٍ صَفْرَاءَ يَسْكُنُهَا إبْرَاهِيمُ وَآلُهُ، وَالْمَقَامُ الْمَذْكُورُ هُوَ الْمُرَادُ فِي قَوْله تَعَالَى: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: ٧٩] [الْإِسْرَاءُ] وَهُوَ مَقَامُ الشَّفَاعَةِ فِي فَصْلِ الْقَضَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمَدُهُ فِيهِ الْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ رَوَاهُ الْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ.

وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَالطَّبَرِيُّ: الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُجْلِسُهُ عَلَى الْعَرْشِ، وَوَقَعَ فِي الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ مُعَرَّفًا، وَنَكَّرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَاعْتَرَضَ بِرِوَايَةِ النَّسَائِيّ وَابْنِ خُزَيْمَةَ وَابْنِ حِبَّانَ وَالْبَيْهَقِيِّ لَهُ مُعَرَّفًا بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ.

فَإِنْ قِيلَ: مَا فَائِدَةُ طَلَبِ ذَلِكَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ وَاجِبُ الْوُقُوعِ بِوَعْدِ اللَّهِ تَعَالَى؟ .

أُجِيبَ بِأَنَّ فِي ذَلِكَ إظْهَارًا لِشَرَفِهِ وَعَظِيمِ مَنْزِلَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَزَادَهُ فَضْلًا وَشَرَفًا لَدَيْهِ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ: الَّذِي وَعَدْتَهُ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ مَقَامًا لَا نَعْتٌ لَهُ: لِأَنَّهُ يَجُوزُ إبْدَالُ الْمَعْرِفَةِ مِنْ النَّكِرَةِ وَلَا يَجُوزُ نَعْتُ النَّكِرَةِ بِالْمَعْرِفَةِ كَمَا لَا يَجُوزُ نَعْتُ الْمَعْرِفَةِ بِالنَّكِرَةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَنْصُوبًا بِتَقْدِيرِ أَعْنِي، وَمَرْفُوعًا خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ.

تَتِمَّةٌ: يُنْدَبُ الدُّعَاءُ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ لِخَبَرِ «الدُّعَاءُ لَا يُرَدُّ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ فَادْعُوَا» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ.

قَالَ فِي الْعُبَابِ: وَأَكَّدَهُ بِسُؤَالِ الْعَافِيَةِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَأَنْ يَقُولَ الْمُؤَذِّنُ وَمَنْ سَمِعَهُ بَعْدَ أَذَانِ الْمَغْرِبِ: اللَّهُمَّ هَذَا إقْبَالُ لَيْلِكَ وَإِدْبَارُ نَهَارِكَ وَأَصْوَاتُ دُعَاتِكَ فَاغْفِرْ لِي، وَبَعْدَ أَذَانِ الصُّبْحِ: اللَّهُمَّ هَذَا إقْبَالُ نَهَارِكَ وَإِدْبَارُ لَيْلِكَ وَأَصْوَاتُ دُعَاتِكَ فَاغْفِرْ لِي (٢) .

[فَصْلٌ فِي اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ]

(فَصْلٌ) اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ: بِالصَّدْرِ لَا بِالْوَجْهِ (شَرْطٌ لِصَلَاةِ الْقَادِرِ) عَلَى الِاسْتِقْبَالِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:

<<  <  ج: ص:  >  >>