للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَجِنَايَاتُهَا كَوَاحِدَةٍ فِي الْأَظْهَرِ.

[فَصْلٌ] فِي الْجَنِينِ غُرَّةٌ

ــ

[مغني المحتاج]

الَّتِي اسْتَوْلَدَهَا سَيِّدُهَا بَعْدَ الْجِنَايَةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، لَكِنَّ الظَّاهِرَ هُنَا كَمَا قَالَ شَيْخُنَا أَنَّ الْعِبْرَةَ بِقِيمَةِ يَوْمِ الْإِحْبَالِ إلَّا أَنْ يُمْنَعَ بَيْعُهَا حَالَ الْجِنَايَةِ فَتُعْتَبَرَ قِيمَتُهَا حِينَئِذٍ (وَجِنَايَاتُهَا) حُكْمُهَا (كَوَاحِدَةٍ فِي الْأَظْهَرِ) فَيَلْزَمُهُ لِلْكُلِّ فِدَاءٌ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّ الِاسْتِيلَادَ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الْإِتْلَافِ، وَإِتْلَافُ الشَّيْءِ لَا يُوجِبُ إلَّا قِيمَةً وَاحِدَةً، كَمَا لَوْ جَنَى عَبْدُهُ جِنَايَاتٍ ثُمَّ قَتَلَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ، فَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهَا أَلْفًا وَجَنَتْ جِنَايَتَيْنِ وَأَرْشُ كُلٍّ مِنْهُمَا أَلْفٌ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا خَمْسُمِائَةٍ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ قَبَضَ أَلْفًا اسْتَرَدَّ مِنْهُ الثَّانِي نِصْفَهُ، أَوْ أَرْشُ الثَّانِيَةِ خَمْسُمِائَةٍ اسْتَرَدَّ مِنْهُ ثُلُثَهُ، أَوْ أَرْشُ الثَّانِيَةِ أَلْفٌ وَالْأُولَى خَمْسُمِائَةٍ اسْتَرَدَّ مِنْهُ ثُلُثَهَا وَمِنْ السَّيِّدِ خَمْسَمِائَةٍ تَمَامَ الْقِيمَةِ لِيَصِيرَ مَعَهُ ثُلُثَا الْأَلْفِ، وَمَعَ الْأَوَّلِ ثُلُثُهُ كَدُيُونِ الْمَيِّتِ إذَا قُسِّمَتْ تَرِكَتُهُ عَلَيْهَا ثُمَّ حَدَثَ عَلَيْهِ دَيْنٌ آخَرُ كَأَنْ حَفَرَ بِئْرًا عُدْوَانًا فَهَلَكَ بِهَا شَيْءٌ فَيُزَاحِمُ الْمُسْتَحِقُّ الْغُرَمَاءَ وَيَسْتَرِدُّ مِنْهُمْ حِصَّتَهُ، وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ مِنْ ذَلِكَ أُمَّ الْوَلَدِ الَّتِي تُبَاعُ بِأَنْ اسْتَوْلَدَهَا وَهِيَ مَرْهُونَةٌ وَهُوَ مُعْسِرٌ إذَا جَنَتْ جِنَايَةً تَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهَا، فَإِنَّ حَقَّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ يُقَدَّمُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ فَلَا تَكُونُ جِنَايَاتُهَا كَوَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ بَيْعُهَا، بَلْ هِيَ كَالْقِنِّ يَجْنِي جِنَايَةً بَعْدَ أُخْرَى فَيَأْتِي فِيهَا التَّفْصِيلُ الْمَارُّ. وَالثَّانِي يَفْدِيهَا فِي كُلِّ جِنَايَةٍ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهَا وَأَرْشِ تِلْكَ الْجِنَايَةِ.

تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ الْخِلَافِ أَنْ يَكُونَ أَرْشُ الْجِنَايَةِ الْأُولَى كَالْقِيمَةِ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ، وَالْبَاقِي مِنْ الْقِيمَةِ لَا يَفِي بِالْجِنَايَةِ الثَّانِيَةِ، فَإِنْ كَانَ أَرْشُ الْأُولَى دُونَ الْقِيمَةِ وَفَدَاهَا بِهِ، وَكَانَ الْبَاقِي مِنْ قِيمَتِهَا يَفِي بِالْجِنَايَةِ الثَّانِيَةِ فَدَاهَا بِأَرْشِهَا قَطْعًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَسَكَتُوا عَنْ التَّعَلُّقِ بِذِمَّتِهَا وَيُشَبَّهُ الْقَطْعُ بِهِ لِتَعَذُّرِ التَّعَلُّقِ بِرَقَبَتِهَا، وَهَذَا مَمْنُوعٌ، بَلْ الْأَشْبَهُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الْقَطْعُ بِالتَّعَلُّقِ بِذِمَّةِ السَّيِّدِ لِأَنَّهُ مَنَعَ بَيْعَهَا، فَلَوْ مَاتَتْ عَقِبَ الْجِنَايَةِ لَمْ يَسْقُطْ الْأَرْشُ عَنْ السَّيِّدِ فِي الْأَصَحِّ بِخِلَافِ الْقِنِّ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي كَلَامِهِ عَلَى جِنَايَةِ الْمَوْقُوفِ.

تَتِمَّةٌ: حُكْمُ الْمَوْقُوفِ حُكْمُ الْمُسْتَوْلَدَةِ لِمَنْعِ الْوَاقِفِ بَيْعَهُ بِوَقْفِهِ، الظَّاهِرُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا: إنَّ الْمَنْذُورَ عِتْقُهُ كَذَلِكَ، وَأَمَّا الْمُكَاتَبُ فَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ جِنَايَتَهُ فِي بَابِ الْكِتَابَةِ.

[فَصْلٌ فِي دِيَةِ الْجَنِينِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ]

[فَصْلٌ] (فِي) دِيَةِ (الْجَنِينِ) الْحُرِّ الْمُسْلِمِ (غُرَّةٌ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى فِي الْجَنِينِ بِغُرَّةِ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ» بِتَرْكِ تَنْوِينِ غُرَّةٍ عَلَى الْإِضَافَةِ الْبَيَانِيَّةِ وَتَنْوِينُهَا عَلَى أَنَّ مَا بَعْدَهَا بَدَلٌ مِنْهَا، وَأَصْلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>