للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ] حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الرُّءُوسَ وَلَا نِيَّةَ لَهُ حَنِثَ بِرُءُوسٍ تُبَاعُ وَحْدَهَا، لَا طَيْرٍ وَحُوتٍ وَصَيْدٍ إلَّا بِبَلَدٍ تُبَاعُ فِيهِ مُفْرَدَةً،

ــ

[مغني المحتاج]

الرَّافِعِيُّ خَارِجٌ عَنْ الْعُرْفِ. ثُمَّ قَالَ: وَيُحْتَمَلُ التَّفْصِيلُ بَيْنَ أَنْ يَقْصِدَهُ أَمْ لَا كَمَا فِي قِرَاءَةِ الْآيَةِ الْمُفْهِمَةِ اهـ.

وَهَذَا قَرِيبٌ مِنْ الْحَمْلِ الْمَذْكُورِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحِلَّ ذَلِكَ إذَا سَمِعَ سَلَامَهُ، فَقَدْ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الطَّلَاقِ بِعَدَمِ الْحِنْثِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُسَلَّمُ عَلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ وَبَعُدَ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُ سَلَامَ الْمُسَلِّمِ عَلَيْهِ.

[فَصَلِّ فِي الْحَلِفِ عَلَى أَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ]

[فَصْلٌ] فِي الْحَلِفِ عَلَى أَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ مَعَ بَيَانِ مَا يَتَنَاوَلُهُ بَعْضَ الْمَأْكُولَاتِ، إذَا (حَلَفَ) شَخْصٌ (لَا يَأْكُلُ الرُّءُوسَ) أَوْ الرَّأْسَ أَوْ لَا يَشْتَرِيهَا (وَلَا نِيَّةَ لَهُ حَنِثَ بِرُءُوسٍ تُبَاعُ وَحْدَهَا) وَهِيَ رُءُوسُ الْغَنَمِ قَطْعًا، وَكَذَا الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ عَلَى الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمُتَعَارَفُ، وَإِنْ اُخْتُصَّ بَعْضُهَا بِبَلَدِ الْحَالِفِ (لَا) بِرُءُوسِ (طَيْرٍ وَحُوتٍ وَصَيْدٍ) وَخَيْلٍ (إلَّا بِبَلَدٍ تُبَاعُ فِيهِ مُفْرَدَةً) لِكَثْرَتِهَا وَاعْتِيَادِ أَهْلِهَا فَيَحْنَثُ بِأَكْلِهَا فِيهِ؛ لِأَنَّهُ كَرُءُوسِ الْأَنْعَامِ فِي حَقِّ غَيْرِهِمْ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْحَالِفُ مِنْ تِلْكَ الْبَلْدَةِ أَمْ لَا، وَإِنْ كَانَ فِي بَلَدٍ لَا تُبَاعُ فِيهِ مُفْرَدَةً، بَلْ تُبَاعُ فِي غَيْرِهِ مُفْرَدَةً حَنِثَ عَلَى الْأَقْوَى فِي الرَّوْضَةِ لِشُمُولِ الِاسْمِ، وَلِأَنَّ مَا ثَبَتَ فِيهِ الْعُرْفُ فِي مَوْضِعٍ ثَبَتَ فِي سَائِرِ الْمَوَاضِعِ كَخُبْزِ الْأَرُزِّ. قَالَ وَهُوَ الْأَقْرَبُ إلَى ظَاهِرِ النَّصِّ اهـ.

وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ، وَقِيلَ: لَا يَحْنَثُ، وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ، وَرَجَّحَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ، وَقَطَعَ بِهِ الْمَحَامِلِيُّ وَهُوَ مَفْهُومُ كَلَامِ الْمَتْنِ وَأَصْلِهِ، وَمَالَ إلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ. قَالَ: وَالْأَوَّلُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا انْتَشَرَ الْعُرْفُ بِحَيْثُ بَلَغَ الْحَالِفَ وَغَيْرَهُ وَإِلَّا فَلَا حِنْثَ اهـ.

أَمَّا إذَا نَوَى شَيْئًا مِنْهَا، فَإِنَّهُ يَعْمَلُ بِهِ، وَإِنْ نَوَى مُسَمَّى الرَّأْسِ حَنِثَ بِكُلِّ رَأْسٍ وَإِنْ لَمْ تُبَعْ وَحْدَهَا، وَإِنْ قَالَ: لَا آكُلُ رُءُوسَ الشَّوَى حَنِثَ بِرُءُوسِ الْغَنَمِ فَقَطْ، دُونَ رُءُوسِ غَيْرِهَا كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَتَبِعَهُ ابْنُ الْمُقْرِي.

تَنْبِيهٌ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ: حَنِثَ بِرُءُوسٍ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَكْلِ جَمْعٍ مِنْ الرُّءُوسِ، وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي فُرُوعِهِ، وَقَالَ: لَا بُدَّ مِنْ أَكْلِ ثَلَاثَةٍ مِنْهَا، لَكِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ، أَوْ صَرِيحَهُ أَنَّ إطْلَاقَ الْيَمِينِ مَحْمُولٌ عَلَى الْجِنْسِ، حَتَّى لَوْ أَكَلَ رَأْسًا أَوْ بَعْضَهُ حَنِثَ اهـ.

وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو زَيْدٍ: لَا أَدْرِي مَاذَا بَنَى الشَّافِعِيُّ عَلَيْهِ مَسَائِلَ الْأَيْمَانِ، إنْ اتَّبَعَ اللَّفْظَ فَمَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الرُّءُوسَ يَنْبَغِي أَنْ يَحْنَثَ بِكُلِّ رَأْسٍ، وَإِنْ اتَّبَعَ الْعُرْفَ، فَأَصْحَابُ الْقُرَى لَا يَعُدُّونَ الْخِيَامَ بُيُوتًا، وَلَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَ الْقَرَوِيِّ وَالْبَدْوِيِّ.

وَأَجَابَ عَنْهُ الرَّافِعِيُّ فِي آخِرِ الْبَابِ بِأَنَّهُ يَتْبَعُ مُقْتَضَى اللُّغَةِ تَارَةً، وَذَلِكَ عِنْدَ ظُهُورِهَا وَشُمُولِهَا وَهُوَ الْأَصْلُ، وَتَارَةً يَتْبَعُ الْعُرْفَ إذَا اشْتَهَرَ وَاطَّرَدَ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ نَحْوَهُ فَقَالَ: قَاعِدَةُ الْأَيْمَانِ الْبِنَاءُ عَلَى الْعُرْفِ إذَا لَمْ يَضْطَرِبْ، فَإِذَا اضْطَرَبَ فَالرُّجُوعُ إلَى اللُّغَةِ اهـ.

وَلَوْ اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى صَيْدٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>