للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كتاب التدبير صَرِيحُهُ أَنْتَ حُرُّ بَعَدَ مَوْتِي، أَوْ إذَا مِتُّ أَوْ مَتَى مِتُّ فَأَنْتَ حُرٌّ، أَوْ أَعْتَقْتُكَ بَعْدَ مَوْتِي وَكَذَا دَبَّرْتُكَ وَكَذَا دَبَّرْتُكَ أَوْ أَنْتَ مُدَبَّرٌ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَيَصِحُّ بِكِنَايَةِ عِتْقٍ مَعَ نِيَّةٍ كَخَلَّيْتُ سَبِيلَكَ بَعْدَ مَوْتِي.

ــ

[مغني المحتاج]

[كِتَابُ التَّدْبِيرِ]

ِ هُوَ لُغَةً: النَّظَرُ فِي عَوَاقِبِ الْأُمُورِ وَشَرْعًا: تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِالْمَوْتِ الَّذِي هُوَ دُبُرُ الْحَيَاةِ فَهُوَ تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ لَا وَصِيَّةٍ، وَلِهَذَا لَا يَفْتَقِرُ إلَى إعْتَاقٍ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَلَفْظُهُ مَأْخُوذٌ مِنْ الدُّبُرِ؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ دُبُرُ الْحَيَاةِ، وَقِيلَ: لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ تَدْبِيرَهُ إلَى غَيْرِهِ، وَقِيلَ: لِأَنَّهُ دَبَّرَ أَمْرَ حَيَاتِهِ بِاسْتِخْدَامِهِ وَأَمْرَ آخِرَتِهِ بِعِتْقِهِ، وَكَانَ مَعْرُوفًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَقَرَّهُ الشَّرْعُ، وَقِيلَ: إنَّهُ مُبْتَدَأٌ فِي الْإِسْلَامِ، وَلَا يُسْتَعْمَلُ التَّدْبِيرُ فِي غَيْرِ الْعِتْقِ مِنْ الْوَصَايَا وَالْأَصْلُ فِي الْبَابِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ رَجُلًا دَبَّرَ غُلَامًا لَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرَهُ فَبَاعَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» فَتَقْرِيرُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُ وَعَدَمُ إنْكَارِهِ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِهِ، وَاسْمُ الْغُلَامِ يَعْقُوبُ، وَمُدَبِّرُهُ مَذْكُورٌ الْأَنْصَارِيُّ، وَفِي سُنَنِ الدَّارَقُطْنِيّ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَاعَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ» وَنَسَبَهُ إلَى الْخَطَإِ.

وَأَرْكَانُهُ ثَلَاثَةٌ: صِيغَةٌ وَمَالِكٌ، وَمَحِلٌّ، وَيُشْتَرَطُ فِي الرُّكْنِ الْأَوَّلِ لَفْظٌ يُشْعِرُ بِهِ، وَهُوَ إمَّا صَرِيحٌ وَإِمَّا كِنَايَةٌ، وَقَدْ بَدَأَ بِالْقِسْمِ الْأَوَّلِ مِنْهُمَا فَقَالَ (صَرِيحُهُ) الَّذِي يَنْعَقِدُ بِهِ وَهُوَ مَا لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَ التَّدْبِيرِ أَلْفَاظٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا قَوْلُهُ (أَنْتَ حُرٌّ) أَوْ حَرَّرْتُكَ (بَعْدَ مَوْتِي، أَوْ إذَا مِتُّ أَوْ مَتَى مِتُّ فَأَنْتَ حُرٌّ) أَوْ عَتِيقٌ (أَوْ أَعْتَقْتُكَ بَعْدَ مَوْتِي) وَنَحْوُ ذَلِكَ كَأَنْتَ مَفْكُوكُ الرَّقَبَةِ بَعْدَ مَوْتِي؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ لَا تَحْتَمِلُ غَيْرَهُ وَهُوَ شَأْنُ الصَّرِيحِ (وَكَذَا دَبَّرْتُكَ أَوْ أَنْتَ مُدَبَّرٌ عَلَى الْمَذْهَبِ) الْمَنْصُوصِ لِاشْتِهَارِهِ فِي مَعْنَاهُ، وَفِي قَوْلٍ مُخَرَّجٍ مِنْ طَرِيقٍ ثَانٍ مُخَرَّجٍ مِنْ الْكِنَايَةِ وَهُوَ كِنَايَةٌ لِخُلُوِّهِ عَنْ لَفْظِ الْعَتِيقِ وَالْحُرِّيَّةِ.

تَنْبِيهٌ: كَلَامُهُ يُوهِمُ الْحَصْرَ فِيمَا ذَكَرَهُ، وَلَيْسَ مُرَادًا كَمَا عُلِمَ مِمَّا ذَكَرْتُهُ، وَلَوْ قَالَ مِثْلَ كَذَا كَانَ أَوْلَى. ثُمَّ شَرَعَ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي فَقَالَ: (وَيَصِحُّ بِكِنَايَةٍ عِتْقٌ مَعَ نِيَّةٍ ك خَلَّيْتُ سَبِيلَكَ بَعْدَ مَوْتِي) نَاوِيًا الْعِتْقَ؛ لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنْ الْعِتْقِ فَدَخَلَتْهُ كِنَايَتُهُ، وَمِثْلُ ذَلِكَ إذَا مِتُّ فَأَنْتَ حَرَامٌ أَوْ مُسَيَّبٌ أَوْ مَالِكٌ نَفْسَكَ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ الْأَلْفَاظِ الْمُحْتَمِلَةِ، وَيَصِحُّ أَيْضًا بِلَفْظِ التَّحْبِيسِ الَّذِي هُوَ مِنْ صَرَائِحِ الْوَقْفِ كَمَا نَقَلَاهُ فِي أَثْنَاءِ الْبَابِ عَنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ.

تَنْبِيهٌ: لَوْ دَبَّرَ بَعْضَهُ نُظِرَ إنْ كَانَ مُبْهَمًا كَرُبُعِهِ صَحَّ فَإِذَا مَاتَ عَتَقَ ذَلِكَ الْجُزْءُ وَلَا يَسْرِي

<<  <  ج: ص:  >  >>