للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ تَجِبُ مُتَابَعَةُ الْإِمَامِ فِي أَفْعَالِ الصَّلَاةِ بِأَنْ يَتَأَخَّرَ ابْتِدَاءُ فِعْلِهِ عَنْ ابْتِدَائِهِ وَيَتَقَدَّمُ عَلَى فَرَاغِهِ مِنْهُ.

فَإِنْ قَارَنَهُ لَمْ يَضُرَّ

ــ

[مغني المحتاج]

فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ وَإِلَّا فَفِعْلُهُ غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهِ، أَوْ تَرَكَ سُنَّةً أَتَى هُوَ بِهَا إنْ لَمْ يَفْحُشْ تَخَلُّفُهُ لَهَا كَجِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ وَقُنُوتٍ يُدْرِكُ مَعَهُ السَّجْدَةَ الْأُولَى كَمَا مَرَّ، لِأَنَّ ذَلِكَ تَخَلُّفٌ يَسِيرٌ. أَمَّا إذَا فَحُشَ التَّخَلُّفُ لَهَا كَسُجُودِ التِّلَاوَةِ وَالتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ فَلَا يَأْتِي بِهَا، لِخَبَرِ «إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ» فَلَوْ اشْتَغَلَ بِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِعُدُولِهِ عَنْ فَرْضِ الْمُتَابَعَةِ إلَى سُنَّةٍ، وَيُخَالِفُ سُجُودَ السَّهْوِ وَالتَّسْلِيمَةَ الثَّانِيَةَ؛ لِأَنَّهُ يَفْعَلُهُ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ.

[فَصْلٌ فِي مُتَابَعَةُ الْإِمَامِ فِي أَفْعَالِ الصَّلَاةِ]

وَالشَّرْطُ السَّابِعُ مِنْ شُرُوطِ الِاقْتِدَاءِ الْمُتَابَعَةُ فِي أَفْعَالِ الصَّلَاةِ كَمَا قَالَ. (فَصْلٌ) تَجِبُ مُتَابَعَةُ الْإِمَامِ فِي أَفْعَالِ الصَّلَاةِ: لَا فِي أَقْوَالِهَا عَلَى مَا سَيَأْتِي وَكَمَالُ الْمُتَابَعَةِ يَحْصُلُ (بِأَنْ يَتَأَخَّرَ ابْتِدَاءُ فِعْلِهِ) أَيْ الْمَأْمُومِ (عَنْ ابْتِدَائِهِ) أَيْ الْإِمَامِ: أَيْ ابْتِدَاءِ فِعْلِ الْإِمَامِ (وَيَتَقَدَّمُ) ابْتِدَاءُ فِعْلِ الْمَأْمُومِ (عَلَى فَرَاغِهِ) أَيْ الْإِمَامِ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْفِعْلِ، فَفِي الصَّحِيحَيْنِ «إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا» ، وَافْهَمْ تَحْرِيمَ التَّقَدُّمِ فِي الْأَفْعَالِ وَإِنْ لَمْ تُبْطِلْ كَأَنْ سَبَقَهُ بِرُكْنٍ، وَاحْتَرَزَ بِالْأَفْعَالِ عَنْ الْأَقْوَالِ كَالتَّشَهُّدِ وَالْقِرَاءَةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ فِيهَا التَّقَدُّمُ وَالتَّأَخُّرُ إلَّا فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي وَإِلَّا فِي السَّلَامِ فَيَبْطُلُ تَقَدُّمُهُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْمُفَارَقَةَ، فَفِيهِ الْخِلَافُ فِيمَنْ نَوَاهَا، وَمَا وَقَعَ لِابْنِ الرِّفْعَةِ وَمُتَابَعِيهِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ، خِلَافُ الْمَنْقُولِ.

فَإِنْ قِيلَ: تَفْسِيرُهُ الْمُتَابَعَةُ بِمَا ذُكِرَ يُنَاقِضُهُ قَوْلُهُ بَعْدُ فَإِنْ قَارَنَهُ لَمْ يَضُرَّ.

أُجِيبَ بِأَنَّ مُرَادَهُ بَيَانُ الْمُتَابَعَةِ الْكَامِلَةِ كَمَا قَدَّرْته فِي كَلَامِهِ، أَوْ بِأَنَّ قَوْلَهُ أَوَّلًا تَجِبُ الْمُتَابَعَةُ: أَيْ فِي الْجُمْلَةِ، وَهُوَ الْحُكْمُ عَلَى الْمَجْمُوعِ مِنْ أَحْوَالِ الْمُتَابَعَةِ حُكْمُ كُلِّ فَرْدٍ فَرْدٍ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمُتَابَعَةَ فِي كُلِّهَا وَاجِبَةٌ، وَالتَّقَدُّمُ بِجَمِيعِهَا مُبْطِلٌ بِلَا خِلَافٍ، وَالْحُكْمُ ثَانِيًا بِأَنَّهُ لَا يَضُرُّ إنَّمَا ذَكَرَهُ لِلْحُكْمِ مِنْ حَيْثُ الْأَفْرَادُ، وَالْحُكْمُ عَلَى الْكُلِّ غَيْرُ الْحُكْمِ عَلَى الْأَفْرَادِ، وَهَذَا كَقَوْلِ الشَّيْخِ فِي التَّنْبِيهِ مِنْ السُّنَنِ الطَّهَارَةُ ثَلَاثًا ثَلَاثًا مَعَ أَنَّ الْأُولَى وَاجِبَةٌ، وَإِنَّمَا أَرَادَ الْحُكْمَ عَلَى الْجُمْلَةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ وَحَيْثُ أَمْكَنَ الْجَمْعُ وَلَوْ بِوَجْهٍ بَعِيدٍ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ التَّنَاقُضِ.

فَإِنْ قِيلَ: يَرُدُّ الْجَوَابَ الْأَوَّلَ ذِكْرُ مَا ذَكَرَ عَقِبَ قَوْلِهِ تَجِبُ مُتَابَعَةُ الْإِمَامِ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّهُ أَرَادَ تَفْسِيرَ الْمُتَابَعَةِ الْوَاجِبَةِ.

أُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا كَقَوْلِنَا، تَجِبُ الصَّلَاةُ بِفِعْلِ كَذَا وَكَذَا فَيَذْكُرُ أَوَّلًا وُجُوبَهَا ثُمَّ يُفَسِّرُ كَمَالَهَا، وَلَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِالتَّبَعِيَّةِ بَدَلَ الْمُتَابَعَةِ لَكَانَ أَوْلَى، لِأَنَّ الْمُتَابَعَةَ تَقْتَضِي الْمُفَاعَلَةَ غَالِبًا.

(فَإِنْ قَارَنَهُ) فِي فِعْلٍ أَوْ قَوْلٍ (لَمْ يَضُرَّ) أَيْ لَمْ يَأْثَمْ؛ لِأَنَّ الْقُدْوَةَ مُنْتَظِمَةٌ لَا مُخَالَفَةَ فِيهَا. نَعَمْ هِيَ مَكْرُوهَةٌ وَمُفَوِّتَةٌ لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ لِارْتِكَابِهِ الْمَكْرُوهَ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي سَائِرِ الْمَكْرُوهَاتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>