للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِ وَيُدْفَنُ مَعَ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يُطْمَسُ قَبْرُهُ.

ــ

[مغني المحتاج]

عَلَيْهِ) بَعْدَ غُسْلِهِ، كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْبَابِ الْآتِي (وَيُدْفَنُ مَعَ الْمُسْلِمِينَ) فِي مَقَابِرِهِمْ (وَلَا يُطْمَسُ قَبْرُهُ) كَسَائِرِ أَصْحَابِ الْكَبَائِرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَقِيلَ لَا يُفْعَلُ مَعَهُ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَيُطْمَسُ قَبْرُهُ إهَانَةً لَهُ، وَعَلَى هَذَا يُدْفَنُ فِي مَقْبَرَةٍ مُنْفَرِدَةٍ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، لَا فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا فِي مَقَابِرِ الْكُفَّارِ، فَإِنْ أَبْدَى عُذْرًا كَأَنْ قَالَ: تَرَكْتُهَا نَاسِيًا أَوْ لِلْبَرْدِ أَوْ لِعَدَمِ الْمَاءِ أَوْ لِنَجَاسَةٍ كَانَتْ عَلَيَّ أَوْ نَحْوِهَا مِنْ الْأَعْذَارِ صَحِيحَةً كَانَتْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَوْ بَاطِلَةً لَمْ يُقْتَلْ، لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ مِنْهُ تَعَمُّدُ تَأْخِيرِهَا عَنْ الْوَقْتِ بِغَيْرِ عُذْرٍ، لَكِنْ نَأْمُرُهُ بِهَا بَعْدَ ذِكْرِ الْعُذْرِ وُجُوبًا فِي الْعُذْرِ الْبَاطِلِ، وَنَدْبًا فِي الصَّحِيحِ، كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا بِأَنْ نَقُولَ لَهُ: صَلِّ، فَإِنْ امْتَنَعَ لَمْ يُقْتَلْ لِذَلِكَ، فَإِنْ قَالَ: تَعَمَّدْتُ تَرْكَهَا بِلَا عُذْرٍ قُتِلَ، سَوَاءٌ أَقَالَ: وَلَمْ أُصَلِّهَا أَوْ سَكَتَ لِتَحَقُّقِ جِنَايَتِهِ بِتَعَمُّدِ التَّأْخِيرِ. تَنْبِيهٌ: قَوْلُ الْمَتْنِ: ثُمَّ تُضْرَبُ عُنُقُهُ قَيَّدَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَتُبْ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ، لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا إذَا تَرَكَهَا فَإِذَا صَلَّاهَا زَالَ التَّرْكُ.

فَإِنْ قِيلَ: لِمَ لَمْ يُقْتَلْ وَإِنْ تَابَ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ حَدًّا وَالْحُدُودُ لَا تَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ، وَالْقَتْلُ عَلَى التَّأْخِيرِ عَنْ الْوَقْتِ عَمْدًا كَمَا فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ، وَقَدْ وُجِدَ فَكَيْفَ تَنْفَعُهُ التَّوْبَةُ فَهِيَ كَمَنْ سَرَقَ نِصَابًا ثُمَّ رَدَّهُ فَإِنَّ الْقَطْعَ لَا يَسْقُطُ.

أُجِيبَ بِأَنَّ الْحَدَّ إنَّمَا هُوَ عَلَى تَرْكِ فِعْلِ الصَّلَاةِ، وَقَدْ فَعَلَ الصَّلَاةَ الَّتِي كَانَ الْحَدُّ لِأَجْلِ تَرْكِهَا كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ، أَوْ أَنَّهُ عَلَى تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ عَنْ الْوَقْتِ عَمْدًا مَعَ تَرْكِهَا، فَالْعِلَّةُ مُرَكَّبَةٌ مِنْهُمَا كَمَا قَالَهُ ابْنُ شُهْبَةَ فَإِذَا صَلَّى زَالَتْ الْعِلَّةُ، وَهَذَا أَوْلَى.

خَاتِمَةٌ: مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ بِعُذْرٍ كَنَوْمٍ أَوْ نِسْيَانٍ لَمْ يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهَا فَوْرًا. لَكِنْ يُسَنُّ لَهُ الْمُبَادَرَةُ بِهَا أَوْ بِلَا عُذْرٍ لَزِمَهُ قَضَاؤُهَا فَوْرًا لِتَقْصِيرِهِ. لَكِنْ لَا يُقْتَلُ بِفَائِتَةٍ فَاتَتْهُ بِعُذْرٍ لِأَنَّ وَقْتَهَا مُوَسَّعٌ أَوْ بِلَا عُذْرٍ وَقَالَ: أُصَلِّيهَا لِتَوْبَتِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ، وَلَوْ تَرَكَ مَنْذُورَةً مُؤَقَّتَةً لَمْ يُقْتَلْ كَمَا عُلِمَ مِنْ تَقْيِيدِ الصَّلَاةِ بِإِحْدَى الْخَمْسِ، لِأَنَّهُ الَّذِي أَوْجَبَهَا عَلَى نَفْسِهِ. وَفِيهِ احْتِمَالٌ لِلشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ. قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَلَوْ زَعَمَ زَاعِمٌ أَنَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ حَالَةً أَسْقَطَتْ عَنْهُ الصَّلَاةَ وَأَحَلَّتْ لَهُ شُرْبَ الْخَمْرِ وَأَكْلَ مَالِ السُّلْطَانِ كَمَا زَعَمَهُ بَعْضُ مَنْ ادَّعَى التَّصَوُّفَ فَلَا شَكَّ فِي وُجُوبِ قَتْلِهِ وَإِنْ كَانَ فِي خُلُودِهِ فِي النَّارِ نَظَرٌ، وَقَتْلُ مِثْلِهِ أَفْضَلُ مِنْ قَتْلِ مِائَةِ كَافِرٍ؛ لِأَنَّ ضَرَرَهُ أَكْثَرُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>