للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَهُ صَرْفُ أَمْدَادٍ إلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ، وَجِنْسُهَا جِنْسُ الْفِطْرَةِ.

فَصْلٌ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِإِفْسَادِ صَوْمِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ بِجِمَاعٍ أَثِمَ بِهِ بِسَبَبِ الصَّوْمِ

ــ

[مغني المحتاج]

أَسْوَأُ حَالًا مِنْهُ، فَإِذَا جَازَ صَرْفُهَا إلَى الْمِسْكِينِ فَالْفَقِيرُ أَوْلَى، وَلَا يَجِبُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا.

(وَلَهُ صَرْفُ أَمْدَادٍ) مِنْ الْفِدْيَةِ (إلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ) لِأَنَّ كُلَّ يَوْمٍ عِبَادَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ، فَالْأَمْدَادُ بِمَنْزِلَةِ الْكَفَّارَاتِ، بِخِلَافِ الْمُدِّ الْوَاحِدِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ صَرْفُهُ إلَى شَخْصَيْنِ؛ لِأَنَّ كُلَّ مُدٍّ فِدْيَةٌ تَامَّةٌ، وَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى صَرْفَ الْفِدْيَةِ إلَى الْوَاحِدِ فَلَا يَنْقُصُ عَنْهَا وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ امْتِنَاعُ صَرْفِ فِدْيَتَيْنِ إلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ كَمَا لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَأْخُذَ الْوَاحِدُ مِنْ زَكَوَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ (وَجِنْسُهَا) أَيْ الْفِدْيَةِ (جِنْسُ الْفِطْرَةِ) وَنَوْعُهَا وَصِفَتُهَا بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا طَعَامٌ وَاجِبٌ شَرْعًا، وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُ ذَلِكَ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ، وَيُعْتَبَرُ فِي الْمُدِّ الَّذِي نُوجِبُهُ هُنَا وَفِي الْكَفَّارَاتِ أَنْ يَكُونَ فَاضِلًا عَنْ قُوتِهِ كَزَكَاةِ الْفِطْرِ قَالَهُ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ، وَكَذَا عَمَّا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ مَسْكَنٍ وَمَلْبُوسٍ وَخَادِمٍ كَمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ كِتَابِ الْكَفَّارَاتِ. .

[فَصْلٌ فِي مُوجِبِ كَفَّارَةِ الصَّوْمِ]

(فَصْلٌ) فِي مُوجِبِ كَفَّارَةِ الصَّوْمِ (تَجِبُ الْكَفَّارَةُ) مَعَ التَّعْزِيرِ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ، وَسَيَأْتِي بَيَانُهُمَا عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ (بِإِفْسَادِ صَوْمِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ) بِالْفِطْرِ لِصَوْمِ نَفْسِهِ (بِجِمَاعٍ أَثِمَ بِهِ بِسَبَبِ الصَّوْمِ) وَلَا شُبْهَةَ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: هَلَكْتُ، قَالَ: وَمَا أَهْلَكَكَ؟ قَالَ: وَاقَعْتُ امْرَأَتِي فِي رَمَضَانَ، قَالَ: هَلْ تَجِدُ مَا تَعْتِقُ رَقَبَةً؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَهَلْ تَجِدُ مَا تُطْعِمُ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟ قَالَ: لَا، ثُمَّ جَلَسَ فَأُتِيَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ فَقَالَ: تَصَدَّقْ بِهَذَا فَقَالَ: عَلَى أَفْقَرَ مِنَّا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَوَاَللَّهِ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا - أَيْ جَبَلَيْهَا - أَهْلُ بَيْتٍ أَحْوَجُ إلَيْهِ مِنَّا، فَضَحِكَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ، ثُمَّ قَالَ: اذْهَبْ فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ» وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ «فَأَعْتِقْ رَقَبَةً فَصُمْ شَهْرَيْنِ فَأَطْعِمْ سِتِّينَ» بِالْأَمْرِ وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد «فَأُتِيَ بِعَرَقِ تَمْرٍ قَدْرُ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا» . قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَهِيَ أَصَحُّ مِنْ رِوَايَةِ فِيهِ عِشْرُونَ صَاعًا.

وَالْعَرَقُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالرَّاءِ مِكْتَلٌ يُنْسَجُ مِنْ خَوْصِ النَّخْلِ، وَسَيَأْتِي مُحْتَرَزُ بَعْضِ هَذَا الضَّابِطِ فِي كَلَامِهِ. وَأَوْرَدُوا عَلَيْهِ أُمُورًا طَرْدًا وَعَكْسًا، فَمِنْ الْأَوَّلِ مَا إذَا جَامَعَ الْمُسَافِرُ وَنَحْوُهُ امْرَأَتَهُ فَفَسَدَ صَوْمُهَا لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ بِإِفْسَادِهِ عَلَى الْأَظْهَرِ، وَهَذَا خَرَجَ بِمَا قَدَّرْته فِي كَلَامِهِ. فَلَوْ زَادَهُ كَانَ أَوْلَى، وَمِنْهُ مَا لَوْ ظَنَّ غُرُوبَ الشَّمْسِ بِلَا أَمَارَةٍ فَجَامَعَ ثُمَّ بَانَ نَهَارًا فَلَا كَفَّارَةَ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ الْهَتْكَ. قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>